للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُجيب: بأن الآية نزلت لتبين أن السعي من الشعائر، وذلك لما تحرَّج المسلمون منه لأن العرب كانت تفعله في الجاهلية، ولم تنزل الآية لبيان حكم السعي!!

والوجه الثاني: أن المراد بالقصر في الآية: قصر هيئة الصلاة في الخوف من ترك القيام والركوع، وأُجيب: بأن المراد بالقصر: إنقاص عدد الركعات بحيث تصير الرباعية ثنائية، بدليل حديث يعلى بن أمية الآتي قريبًا وفيه أنه أشكل عليه إنقاص عدد الركعات في السفر في حالة الأمن كما أشكل على عمر فقال صلى الله عليه وسلم: «صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» (١).

والوجه الثالث: أن في الآية اشتراط تحقق الخوف، فلماذا لم تقولوا به لجواز القصر وأجزتموه في الأمن؟

وأُجيب: بأن القصر في السفر قد أكدته السنة.

٢ - واستدل الجمهور: بحديث يعلى بن أميَّة قال: قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد أمن الناس!! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «صدقة تصدَّق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته» (٢) قالوا: والتعبير عن القصر بالصدقة يدل على الجواز، لأن الشأن في الصدقة التطوع لا الإلزام والوجوب.

وأجاب الموجبون: بأن الحديث دليل لنا لا لكم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بقبول هذه الصدقة والأمر للإيجاب، وكل إحسان إلينا صدقة.

وأجيب: بأنه توجد أكثر من قرينة تصرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب!! ومن ذلك أن لفظ «صدقة» إذا أطلق يراد به الصدقة التطوعية لا الواجبة.

٣ - واستدل الجمهور: بما رُوى عن عائشة أنها قالت: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمتُ، وقصر وأتممتُ، فقلت: بأبي وأمي، أفطرتَ وصمتُ، وقصرتَ وأتممتُ، فقال: «أحسنتِ يا عائشة» (٣).


(١) صحيح: وانظر الآتي بعده.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨٦)، وأبو داود (١١٩٩)، والترمذي (٣٠٣٧)، وابن ماجه (١٠٦٥).
(٣) ضعيف: أخرجه الدارقطني (٢/ ١٨٨)، والبيهقي (٣/ ١٤٢)، ورجَّح الدارقطني في «العلل» إرساله.

<<  <  ج: ص:  >  >>