للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب إسحاق عن استدلال الفريق الأول فقال:

إنما الميراث بالاستهلال، أما الصلاة فإنه يصلى عليه لأنه نسمة كتب عليه الشقاء والسعادة (١).

وقد نقل الخطابي (٢) عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهما قالا: كل ما نفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر وعشر صلى عليه اهـ.

قال النووي -رحمه الله-: «والظاهر أن السقط إنما يصلى عليه إذا كان قد نفخت فيه الروح، وذلك إذا استكمل أربعة أشهر، ثم مات، فأما إذا سقط قبل ذلك فلا، لأنه ليس بميت كما لا يخفى. وأصل ذلك حديث عبد الله بن مسعود مرفوعًا «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إله ملكًا ... ينفخ فيه الروح (٣).

الصلاة على أهل البدع والكبائر والمعاصي:

حاصل كلام أهل العلم أنه يُصلَّى على كل مسلم ولو كان من أهل الكبائر والفُساق، أو من أهل البدع -ما لم يكفَّ- ببدعته- لكن إن ترك أئمة الدين وأهل الفضل الذي يُقتدى بهم الصلاة على أحدهم زجرًا لأمثالهم فهو حسن، كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على قاتل نفسه (٤) وقال لأصحابه: «صلوا عليه».

وقد قال بهذا مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة (٥).

الصلاة على من عليه دين:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت، عليه الدين، فيسأل: «هل ترك لدينه من قضاء». فإن حدِّث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال «صلوا على

صاحبكم»، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفى وعليه دين فعليَّ قضاؤه ومن ترك مالاً فهو لورثته» (٦).


(١) شرح السنة للبغوي (٥/ ٣٧٣).
(٢) «معالم السنن» للخطابي (١/ ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٣٢٠٨)، ومسلم (٢٦٤٣).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٩٧٨) وغيره.
(٥) «المدونة» (١/ ١٦٥)، و «المغنى» (٢/ ٣٥٥)، و «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٢٨٩).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (٢٢٩٨)، ومسلم (١٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>