للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أنها لا تجب فيها الزكاة: وهو مذهب الظاهرية -ومن تابعهم كالشوكاني وصدق خان ثم الألباني، وقد تبنى قولهم ابن حزم ودافع عنهم في «المحلى» وأطال النفس في نقض مذهب الجمهور بما لا يسلم له، ومما تعلقوا به:

١ - حديث: «ليس على مسلم في عبده ولا فرسه صدقة» (١).

وظاهره عدم الوجوب سواء كانت للتجارة أو لغيرها.

وأجاب الجمهور بأن المراد نفي الزكاة عن عبده الذي يخدمه، وفرسه الذي يركبه، وهما من الحوائج الأصلية المعفاة من الزكاة بالإجماع.

٢ - أن الأصل في مال المسلم الحرمة وبراءة الذمم من التكاليف.

وهذا الأصل إنما يصار إليه عند عدم الدليل، وقد تقدم إجماع الصحابة على القول بوجوب الزكاة عروض التجارة.

٣ - حديث قيس بن أبي غرزة قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبيع الرقيق نسمي السماسرة، فقال: «يا معشر التجار، إن بيعكم هذا يخالطه لغو وحلف فشوبوه بالصدقة أو بشيء من صدقة» (٢).

قال ابن حزم: فهذه صدقة مفروضة غير محدودة، ولكن ما طابت به أنفسهم وتكون كفارة لما يشوب البيع مما لا يصح من لغو وحلف. اهـ.

إلى غير ذلك من الحجج والتشغيبات التي شغبَّ بها ابن حزم -رحمه الله- في «المحلى» (٥/ ٢٣٣) وما بعدها، وقول الجمهور هو الصواب، والله أعلم.

شروط الزكاة في مال التجارة (٣)

يشترط في المال المعد للكسب والتجارة لتجب الزكاة فيه شروط:

١ - أن لا تكون العروض مما يجب الزكاة فيه أصلاً، كالماشية والذهب والفضة ونحوها.

لأنه لا تجتمع زكاتان إجماعًا، بل يكون فيها زكاة العين -على الراجح- لأن


(١) البخاري (١٤٦٤)، ومسلم (٦٢٨).
(٢) صحيح: أخرجه أحمد (٤/ ٦)، والنسائي (٧/ ١٤)، وأبو داود، والترمذي (١٢٠٨)، وابن ماجه (٢١٥٤) وغيره.
(٣) ويشترط لاعتبار المال مال تجارة: أن يملكه صاحبه بفعله كالشراء، وأن ينوي به التجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>