للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الباب، فلم يجز مطلقًا ولم يمنع مطلقًا، بل رأى جواز إخراج القيمة مقيدًا له بالحاجة والمصلحة والعدل.

فإذا لم تكن حاجة، ولا مصلحة راجحة، فالأظهر أن إخراج القيمة ممنوع منه وهذا الذي ذهب إليه هو مقتضى الجمع بين الأدلة، والله أعلم.

ما حكم تعجيل الزكاة قبل حولان الحول؟

قد علمت أن المال إذا بلغ النصاب، فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يحول عليه الحول، لكن إذا أراد صاحب المال أن يخرج زكاته قبل الحول، فللعلماء في هذا قولان:

الأول: الجواز، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماعة من السلف (١) واحتجوا بما يأتي:

١ - ما رُوى أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل «فرخَّص له في ذلك» (٢).

٢ - ما رُوى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «إنا كنا تعجلنا صدقة العباس لعامنا هذا عام أول» (٣).

٣ - أنه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه (وهو كمال النصاب) قبل وجوبه فجاز، كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله، وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث، وكفارة القتل بعد الجرح قبل الزهوق.

القول الثاني: المنع، وهو مذهب مالك -وأجازه إذا بقى من الحول الشيء اليسير -وهو قول ربيعة وداود وابن حزم (٤)، وحجتهم:

١ - حديث ابن عمر مرفوعًا: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (٥).


(١) المبسوط (٢/ ١٧٦)، و «الأم» (٢/ ٢٠)، والمجموع (٦/ ٨٦)، والمغنى (٢/ ٤٧٠).
(٢) أبو داود (١٦٢٤)، والترمذي (٦٧٨)، وابن ماجه (١٧٩٥) وغيرهم من أوجه فيها مقال وحسنها الألباني في «الإرواء» (٨٥٧).
(٣) انظر السابق.
(٤) المدونة (١/ ٢٨٤)، وبداية المجتهد (١/ ٢٣٢)، والمحلى (٦/ ٩٥).
(٥) الترمذي (٦٣١)، وأبو داود (١٥٧٣)، وابن ماجه (١٧٩٢)، والدارقطني (١٩٨)، والبيهقي (٤/ ١٠٤)، وصححه الألباني في «الإرواء» (٧٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>