للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - بما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أفرادًا الزكاة، كحديث قبيصة بن مخارق لما تحمل حمالة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله في الصدقة فقال صلى الله عليه وسلم: «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» (١).

وغير هذه الواقعة مما تقدم بعضه.

بينما ذهب الشافعي وجماعة إلى أنه يجب استيعاب الأصناف الثمانية في القسم وقال أبو ثور، وأبو عبيد: إن أخرجها الإمام وجب استيعاب الأصناف، وإن أخرجها المالك جاز أن يجعلها في صنف واحد (٢).

[١، ٢] الفقراء والمساكين:

الفقراء والمساكين هم أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفيهم، وإذا أطلق لفظ (الفقراء) وانفرد دخل فيهم (المساكين)، وكذلك عكسه، وإذا جمع بينهما في كلام واحد، كما في آية مصارف الزكاة، تميز كل منهما بمعنى. وقد اختلف الفقهاء في أيهما أشد حاجة، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفقير أشد حاجة من المسكين، واحتجوا بأن الله تعالى قدم ذكرهم في الآية، وذلك يدل على أنهم أهم، وبقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (٣)، فأثبت لهم وصف المسكنة مع كونهم يملكون سفينة ويحصلون نولاً، واستأنسوا لذلك أيضًا بالاشتقاق، فالفقير لغة: فعيل بمعنى مفعول، وهو من نزعت بعض فقار صلبه، فانقطع ظهره، والمسكين مفعيل من السكون، ومن كسر صلبه أشد حالاً من الساكن، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن المسكين أشد حاجة من الفقير، واحتجوا بأن الله تعالى قال: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} (٤). وهو المطروح على التراب لشدة جوعه، وبأن أئمة اللغة قالوا ذلك، منهم الفراء وثعلب وابن قتيبة، وبالاشتقاق أيضًا، فهو من السكون، كأنه عجز عن الحركة فلا يبرح. ونقل الدسوقي قولاً أن الفقير والمسكين صنف واحد، وهو من لا يملك قوت عامه، سواء كان لا يملك شيئًا أو يملك أقل من قوت العام.

واختلف الفقهاء في حد كل من الصنفين (٥): فقال الشافعية والحنابلة: الفقير


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٤٤) وغيره وقد تقدم.
(٢) المجموع (٦/ ١٨٥)، والمغنى (٢/ ٦٦٨)، والأموال لأبي عبيد (ص: ٦٩٢).
(٣) سورة الكهف: ٧٩.
(٤) سورة البلد: ١٦.
(٥) «الموسوعة الفقهية» (٢٣/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>