للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) أن تحريم الخمر لا يستلزم نجاستها، أما النجاسة فإنه يلازمها التحريم فإنه يحرُم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة شرعًا وإجماعًا.

(هـ) أن (الرجس) في الآية مقيد بكونه (من عمل الشيطان) فهو رجس عملي بمعنى قبيح أو محرم أو إثم، وليس رجسًا عينيًا تكون به هذه الأشياء نجسة.

[٢] ومما يستدل به على طهارة الخمر: حديث أنس في قصة تحريم الخمر، وفيه «... فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، .... قال: فخرجت فأهرقتها فجرت في سكك المدينة» (١).

[٣] وفي حديث الرجل الذي كان معه مزادتان فيهما خمر: «... فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله الذي حرم شربها حرم بيعها، ففتح [الرجل] المزادتين حتى ذهب ما فيهما ...» (٢).

فلو كانت الخمر نجسة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب الماء على الأرض لتطهيرها كما أمر بالصب على بول الأعرابي، ولأمرهم بالاحتراز منها.

ولو كانت نجسة لأمر صاحب المزادتين بغسلهما.

[٤] أن الأصل الطهارة، ولا ينقل عنها إلا ناقل صحيح، ولم يقم الدليل على النجاسة فتبقى على الأصل. والله أعلم.

[هل يعتبر الدم من النجاسات؟]

الدم على أقسام:

١ - دم الحيض: وهو نجس باتفاق العلماء، وقد تقدم الدليل على نجاسته.

٢ - دم الإنسان (٣): وهو مختلف فيه، فالمشهور عند أصحاب المذاهب الفقهية أن الدم نجس، وليس عندهم حجة، إلا أنه محرم بنص القرآن في قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (٤). فاستلزموا من التحريم النجاسة - كما فعلوا في الخمر - ولا


(١) صحيح: البخاري (٢٣٣٢)، ومسلم (١٩٨٠).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٢٠٦)، ومالك (١٥٤٣).
(٣) تفسير القرطبي (٢/ ٢٢١)، والمجموع (٢/ ٥١١)، والمحلى (١/ ١٠٢)، والكافي (١/ ١١٠)، وبداية المجتهد، والسيل الجرار (١/ ٣١)، والشرح الممتع (١/ ٣٧٦)، والسلسلة الصحيحة، وتمام المنة (ص ٥٠).
(٤) سورة الأنعام، الآية: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>