للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ...» (١) يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين، وقد أجمع المسلمون بذلك عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم -أصلاً- ولا خلاف حديث إلا عن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة في جواز أن يعمل الحاسب -في نفسه- بالحساب، وهذا شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه (٢).

رؤية هلال رمضان تثبت بشاهد عدل (٣):

إذا رأى واحدٌ عدل يوثق به هلال رمضان فإنه يُعمل بخبره عند أكثر أهل العلماء، كأبي حنيفة والشافعي -في أصدق قوليه وهو الصحيح عنده- وأحمد وأهل الظاهر واختاره ابن المنذر.

وذهب مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي في قوله الآخر إلى اشتراط شاهدي عدل، قياسًا على الشهادة، والأول أظهر لأن تشبيه رائي الهلال بالراوي، أمثل من تشبيهه بالشاهد، وقد صح في الشرع قبول خبر الواحد، ثم إنه يتشدد في الأموال والحقوق ما لا يتشدد في الأخبار الدينية.

ويدل على الاكتفاء بخبر الواحد، حديث ابن عمر قال: «تراءى الناس الهلال، فرأيته، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه» (٤).

والخبر بهذا من الرجل والمرأة على السواء في أصح قولي العلماء (٥).

وأما هلال شوال:

فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يكفي في إثبات هلال شوال شهادة واحد، وإنما لا يقبل فيه إلا شهادة عدلين، وخالف في هذا أبو ثور وابن حزم وأيده


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٩١٣)، ومسلم (١٠٨٠) وغيرهما.
(٢) انظر «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ١١٣، ١٣٢، ١٤٦)، وحاشية ابن عابدين (٢/ ٣٩٣)، و «المجموع» (٦/ ٢٧٩)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٢٣).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٤٢٦)، و «المحلى» (٦/ ٢٣٥)، و «المجموع» (٦/ ٢٨٩)، و «المغنى» (٣/ ٢٨٩) ط. الغد، و «نيل الأوطار» (٤/ ٢٢٢).
(٤) صحيح: أبو داود (٢٣٤٢)، والدارمي (٢/ ٤)، وابن حبان (٣٤٤٧)، وانظر «الإرواء» (٩٠٨).
(٥) وهو مذهب الحنابلة، كما في «شرح المنتهى» (١/ ٤٤٠)، وابن حزم في «المحلى» (٦/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>