للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - لحديث عائشة -في قصة موت سعد بن معاذ- قالت: «لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق رماه رجل في الأكحل، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب .... فبينما هو ذات ليلة إذ تفجر كَلْمُه فسال الدم من جرحه حتى دخل خباء إلى جنبه، فقالوا: يا أهل الخباء ما هذا الذي يأتينا من قبلكم فنظروا، فإذا سعد قد انفجر كَلْمُه والدم له هدير فمات» (١).

قلت: ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء عليه لا سيما وهو في المسجد كما أمر بالصب على بول الأعرابي.

٤ - أن ابن رشد لما ذكر اختلاف العلماء في دم السمك، ذكر أن السبب في اختلافهم هو اختلافهم في ميتته، فمن جعل ميتته داخلة تحت عموم التحريم جعل دمه كذلك ومن أخرج ميتته أخرج دمه قياسًا على الميتة.

ونقول: هم يقولون بطهارة ميتة الآدمي، فكذلك دمه على قاعدتهم.

ولذا قال ابن رشد عقبه: «والنص إنما دلَّ على نجاسة دم الحيض، وما سوى ذلك فهو على الأصل المتفق عليه بين المتنازعين، وهو الطهارة، فلا يخرج منه إلا بنص تقوم به الحجة» اهـ.

فإن قيل: ألا يقاس على دم الحيض، ودم الحيض نجس؟

قلنا: هذا قياس مع الفارق:

فإن دم الحيض دم طبيعة وجبلة النساء، قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» (٢) وقال في الاستحاضة: «إنه دم عرق» (٣).

ثم إن دم الحيض دم غليظ منتن له رائحة مستكرهة، فأشبه البول والغائط، لا الدم الخارج من غير السبيلين.

٣ - دم الحيوان مأكول اللحم: والقول فيه كالقول في دم الآدمي من جهة عدم الدليل على النجاسة، فتستصحب البراءة الأصلية.

ويؤيد القول بطهارته أيضًا:

حديث ابن مسعود قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت، وأبو جهل


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٣١٠٠) مختصرًا، والطبراني في «الكبير» (٦/ ٧).
(٢) صحيح: البخاري (٢٩٤)، ومسلم (١٢١١).
(٣) صحيح: البخاري (٣٢٧)، ومسلم (٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>