للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: أن ينوي الصوم -وهو مسافر- ثم يبدو له أن يفطر: فيجوز له الفطر -إذا بدا له ذلك- للأدلة المتقدمة في الحالة الثانية، وبه قال الجمهور خلافًا للمالكية والحنفية (١).

انقطاع رخصة الفطر للمسافر:

تسقط رخصة الفطر للمسافر بأمرين:

[١] إذا نوى الإقامة مطلقًا، أو مدة الإقامة (٢):

عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان وصام، حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي بين قديد عُسفان، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر» (٣).

ومعلوم أن الفتح كان لعشر بقين من رمضان، فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بمكة عشرة أيام أو أحد عشر على اختلاف الروايات، ولا شك أن فطره في هذه المدة لا ينفي الفطر فيما زاد عليها.

فالحاصل أن من نوى الإقامة في بلده إقامة مطلقة فإنه يصوم ولا يفطر، وإن لم ينو الإقامة لكن أقام لقضاء حاجة له بلا نية الإقامة ولا يدري متى تنقضي فله أن يفطر والله أعلم.

[٢] إذا عاد إلى بلده:

فإذا عاد إلى محل إقامته ليلاً، فإن كان الغد من رمضان وجب عليه الصوم بلا خلاف، أما لو قدم في النهار، فهل يمسك بقية يومه؟ فيه قولان، والأظهر أنه لا يلزمه الإمساك بل يبقى على فطرة وهذا مذهب الشافعي ومالك وصحَّ عن ابن مسعود أنه قال: «من أكل أول النهار فليأكل آخره» (٤)، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يمسك بقية اليوم، قياسًا على من يطرأ عليه في يوم الشك، وفيه نظر، لأن ذاك أكل لموضع الجهل، وهذا أكل لسبب مبيح (٥).


(١) «المغنى» (٣/ ١٩)، و «المجموع» (٦/ ٢٦٠)، و «القوانين» (٨٢)، و «ورد المحتار» (٢/ ١٢٢).
(٢) مدة الإقامة التي يفطر فيها عند المالكية والشافعية: أربعة أيام، وعند الحنابلة أكثر من أربعة أيام، وعند الحنفية خمسة عشر يومًا؟! وهذه تحديدات ليس عليها دليل وانظر «المحلى» (٦/ ٢٤٤).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٤٢٧٥).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٩٣٤٣).
(٥) «بداية المجتهد» (١/ ٤٤١ - ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>