للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - حديث ابن عباس «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرًا فنجاها الله تعالى، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها» (١).

٥ - أجابوا عن استدلال المانعين بقوله تعالى {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} (٢). بأن الذي أنزل هذه الآية هو الذي أنزل قوله {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٣) وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصيام دينًا، فعلم أن المراد: ليس للإنسان إلا ما سعى، وما حكم الله ورسوله أن له من سعي غيره عنه والصوم من جملة ذلك.

٦ - وأجابوا عن حديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله ...» بأنه لا متعلَّق له بمسألتنا لأن فيه انقطاع عمل الميت، وليس فيه انقطاع عمل غيره عنه ولا المنع منه.

٧ - أجابوا في فتوى ابن عباس وعائشة بأن الآثار عنهما فيها مقال، ولو صحت لكانت الحجة فيما روياه مرفوعًا دون فتواهما، كما هو مقرر في الأصول.

الثالث: يُصام عنه النذر دون قضاء رمضان: وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبي عبيد والليث (٤) وحجتهم:

١ - أن حديث عائشة عام، وحديث ابن عباس خاص فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام الذي يصومه الولي صيام النذر.

٢ - أن الثابت عن عائشة في منعها من الصيام عن الميت إنما هو في قضاء صيام الفرض لا النذر كما تقدم في أثر عمرة عنها وفيه: «إن أمها ماتت وعليها من رمضان ...»، فالظاهر أنها لا تمنع من صيام النذر عن الميت عملاً بما روته من العموم، فيدل على أنها لم تفهم الإطلاق الشامل لصوم رمضان غيره في مَرْويِّها.

٣ - أن الثابت عن ابن عباس -وهو راوي الحديث الآخر في الصوم عن الميت- قوله: «إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم، أطعم عنه ولم يكن عليه قضاءٌ، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه» (٥) ولا شك أنه الأدرى بمعنى مَرْوِيِّه.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٣٠٨)، والنسائي (٣٨١٦).
(٢) سورة النجم: ٣٩.
(٣) سورة النساء: ١١.
(٤) «تهذيب السنن» (٧/ ٢٧ - العون)، و «الفتح» (٤/ ٢٢٨).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٢٣٩٨)، وابن حزم (٧/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>