للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده» (١).

وعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة، فقال: «أَصُمت أمس؟» قالت: لا، قال: «تريدين أن تصومي غدًا؟». قالت: لا، قال: «فأفطري» (٢).

وهذا مذهب الشافعي وأحمد، وخالف في هذا أبو حنيفة ومالك فقالوا: لا يكره (٣) واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر، وقلما يفطر يوم الجمعة» (٤).

ويجاب عنه بأجوبة: منها أن الأظهر أنه ضعيف، وعلى فرض صحته فيحمل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يومًا قبله أو بعده معه ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال (٥)، ثم إن هذا فعل وذاك قول، والقول مقدم، على الفعل عند التعارض وعدم إمكان الجمع.

وأما مالك -رحمه الله- فلم يبلغه النهي، ومن علم حجةٌ على من لم يعلم.

فائدة: إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة فلا حرج في إفراده بالصيام، فإن النهي إنما هو عن تعمده بعينه، والله أعلم (٦).

٥ - صيام يوم الشك:

لا يجوز أن يستقبل رمضان بصيام يوم أو يومين على نية الاحتياط لرمضان، وهذا لمن لم يصادف عادة له (٧)، أو يصله بما قبله، فإن لم يصِل ولا صادف عادة


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٨٥)، ومسلم (١١٤٤).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٨٤)، ومسلم (١١٤٣).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٣٣٦)، و «الموطأ» (١/ ٣٣٠)، و «شرح مسلم» (٣/ ٢١٠)، و «المغنى» (٤/ ٤٢٧).
(٤) إسناده لين: أخرجه أبو داود (٢٤٥٠)، والترمذي (٧٤٢)، والنسائي (٢٣٦٧)، وابن ماجه (١٧٢٥) من طريقة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وعاصم له أوهام وروايته عن زر فيها مقال.
(٥) «التلخيص» (٢/ ٢١٦)، و «سبل السلام» (٢/ ٣٤٧).
(٦) «شرح العمدة» (٢/ ٦٥٢)، و «الزاد» (٢/ ٨٦).
(٧) كأن تكون عادته صوم يوم وفطر يوم، أو صوم الاثنين أو الخميس ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>