للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥ - حديث جابر قال: حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ساق البدن معه، وقد أهلوا بالحج مفردًا، فقال لهم: «حلوا من إحرامكم بطواف البيت، وبين الصفا والمروة، ثم أقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة» قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ قال: افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به» (١).

٦ - أن التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢). دون سائر الأنساك!

٧ - أن التمتع يجتمع فيه الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما ويسرهما.

٨ - أن قوله صلى الله عليه وسلم يقدم على فعله عند التعارض.

[٤] القول الرابع: التفصيل: وهواختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (٣) وخلاصة كلامه، رحمه الله (٤):

(أ) أنه إذا أفرد الحج بسفرة، والعمرة بسفرة، فهو أفضل من القران والتمتع الخاص بسفرة واحدة هو إذاكان قد اعتمر قبل أشهر الحج. قال: وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكر وعمر وكان يختاره للناس، وكذلك عليٌّ.

(ب) وأما إذا أراد أن يجمع بين النسكين (الحج والعمرة) بسفرة واحدة، وقدم إلى مكة في أشهر الحج، ولم يسق الهدي، فالتمتع أفضل له.

(جـ) وإذا أراد أن يجمع بين النسكين بسفرة واحدة، ويسوق الهدي، فالقرآن أفضل، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث قرن وساق الهدي.

ثم أيهما أفضل: أن يسوق الهدي ويقرن، أو أن يتمتع بلا سوق للهدي ويحل؟ قال: هذا موضع اجتهاد، لتعارض ما اختاره الله تعالى لنبيه مع ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ومال -رحمه الله- إلى الأول.

قلت: وهذا تفصيل وجيه، وقد أعمل فيه ابن تيمية كل النصوص الواردة كلاًّ في موضعه، ثم جعل أفضل الأنواع بحسب الصعوبة والمشقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما قالت: يا رسول الله، يصدر الناس بنُسْكين وأصدر بنسك؟ فقال: «إذا


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٥٦٨)، ومسلم (١٢١٦).
(٢) سورة البقرة: ١٩٦.
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٨٥ - ٩١).
(٤) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٨٥ - ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>