للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب مالك وغيره إلى أنه لا يلزمه الاستنجاء ولا الوضوء من ذلك إلا إذا أحدث حدثًا آخر.

قلت: أما عدم الإلزام بالوضوء لكل صلاة ما لم يحدث فلعله أن يكون له وجه عند من يُضعِّف زيادة «وتوضئي لكل صلاة» في الحديث المتقدم على أن الأرجح الوضوء لكل صلاة كما سيأتي في «الحيض» أما عدم الإلزام بالاستنجاء، فلا وجه له، فإنه قد خرج منه ما يوجب الاستنجاء، وكان بوسعه أن يفعله قبل الصلاة بلا مشقة فوجب عليه، وإنما يعفى له عما نزل أثناء صلاته رفعًا للمشقة، والله أعلم.

من آداب قضاء الحاجة:

من أراد أن يقضي حاجته من بول أو غائط، فينبغي له التأدب بما يأتي:

١ - التستر والبعد عن الناس لا سيما في الخلاء:

فعن جابر رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتي البراز [يعني الفضاء] حتى يغيب فلا يرى» (١).

٢ - عدم اصطحاب ما فيه ذكر الله تعالى (٢):

كالخاتم المنقوش عليه اسم الله، ونحو ذلك، لأن تعظيم اسم الله تعالى مما يعلم من الدين بالضرورة، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (٣).

على أنه قد ورد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه» (٤) لكنه حديث منكر أعله الحفاظ.

ومن المعلوم أن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان نقشه فيه «محمد رسول الله» (٥).

قلت: وإذا كان هذا الخاتم أو نحوه مستورًا بساتر - كأن يوضع في الجيب ونحوه - جاز الدخول به، قال أحمد بن حنبل: «إن شاء جعله في باطن كفه».

وإن خاف ضياعه إن تركه خارجًا، جاز الدخول به للضرورة، والله أعلم.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢)، وابن ماجه (٣٣٥) واللفظ له.
(٢) انظر المجموع (٢/ ٨٧)، والمغنى (١/ ٢٢٧)، والأوسط (١/ ٣٤٢).
(٣) سورة الحج، الآية: ٣٢.
(٤) ضعيف: أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وضعفه الألباني.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٧٢)، ومسلم (٢٠٩٢) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>