للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم خشية» (١).

وعن ابن عمر قال: «كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ومُقلِّبِ القلوب» (٢) وغيرها كثير وسيأتي طرف من ذلك في أثناء الباب، إن شاء الله.

٣ - وقد أجمعت الأمة على مشروعية الأيمان، وثبوت أحكامها (٣).

أيمان المسلمين:

الأيمان التي يحلف بها المسلمون، مما قد يلزم بها حكم، يمكن إجمالها في نوعين (٤):

١ - القسم: وهو ما يقصد به تعظيم المُقسم به، وهذا النوع لا يكون إلا بالله تعالى، فهو المستحق للتعظيم بذاته على وجه لا يجوز هتك حرمة اسمه بحال.

٢ - الشرط والجزاء: وهي يمين عند الفقهاء لما فيها من معنى اليمين، وهو المنع أو الإيجاب، وإن كان هذا النوع لا يعرفه أهل اللغة، ومن هذا النوع: اليمين بالنذر، واليمين بالطلاق، واليمين بالحرام، واليمين بالظهار، ونحو ذلك.

وسنهتم في هذا البحث بالنوع الأول وبعض الصور من النوع الثاني، وباقي صوره مفرَّقة في مواضعها من أبوب الفقه.

لا ينبغي الإكثار من الحلف (٥):

قال الله تعالى {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ} (٦)، والحلاَّف -على ما ذكره بعض المفسِّرين-: كثير الحلف في الحق والباطل، وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف، وقال عز وجل {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (٧) والمراد: الامتناع من الحلف -على أحد الأقوال- فإن بَعْدَ الحلف إنما يتصوَّر حفظ البرِّ، وحفظ اليمين يذكر لمعنى الامتناع.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦١٠١)، ومسلم (٢٣٥٦).
(٢) «المغنى» (١١/ ١٦٠ - مع الشرح الكبير).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٢٨)، والنسائي (٧/ ٢)، وأبو داود (٣٢٦٣)، والترمذي (١٥٤٠)، وابن ماجه (٢٠٩٢).
(٤) «المبسوط» (٨/ ١٢٦)، وانظر «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٢٤١).
(٥) «التفسير الكبير» للرازي (٦/ ٧٥، ٣٠/ ٨٣)، و «المبسوط» (٨/ ١٢٧).
(٦) سورة القلم: ١٠.
(٧) سورة المائدة: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>