للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: من حلف بالمصحف: فإن كان يقصد به القرآن المسطور فيه الذي هو كلام الله جاز، وإن قصد الورق المكتوب فيه لم يجز والله أعلم.

قول الحالف: «لَعَمْرُ الله»:

جاء في حديث عائشة رضي الله عنها لما قال أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبيٍّ، فقام أسيد بن حضير، فقال لسعد بن عبادة: «لعمر الله لنقتله» (١).

والعمر: الحياة، فمن قال: (لعمر الله) كأنه حلف ببقاء الله، وهو جائز عند عامة أهل العلم (٢) وتنعقد به اليمين مطلقًا، للحديث المتقدم، وفيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأسيد رضي الله عنه قوله «لعمر الله» وعدم إنكاره عليه.

وقد قال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (٣) فثبت له عرف الشرع، ثم لأن معناه: وبقاء الله أو: وحياة الله، فهو قسم بصفة ذات الله فكان جائزًا.

من قال: «وَعهْدِ الله»:

اختلف أهل العلم فيمن قال: (وعهد الله أو عليَّ العهد) هل تنعقد يمينه بذلك على ثلاثة أقوال (٤):

الأول: الحلف بعهد الله ينعقد يمينًا مطلقًا: وهو قول الحسن وطاووس والشعبي والأوزاعي ومالك وأحمد، وحجتهم:

١ - قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (٥) فقوله تعالى {وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} لم يتقدمه غير ذكر العهد فعُلم أنه يمين، وأجيب: بأنه لا يلزم من عطف الأيمان على العهد أن يكون يمينًا.

٢ - وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين كاذبة ليقتطع


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٦٦٢).
(٢) «المبسوط» (٨/ ١٣٢)، و «المدونة» (٢/ ٢٩)، و «الأم» (٧/ ٨٧)، و «المغنى» (١١)، و «الفتاوى» (٣٥/ ٢٧٣).
(٣) سورة الحجر: ٧٢.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سورة النحل: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>