للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وعن ابن مسعود قال: «كنا نعدُّ من الذنب الذي لا كفارة له: اليمين الغموس» فقيل: ما اليمين الغموس؟ قال: اقتطاع الرجل مال أخيه باليمين الكاذبة» (١).

قالوا: ولا يعلم لابن مسعود مخالف من الصحابة بل نقل غير واحد من أهل العلم اتفاق الصحابة على ذلك.

٥ - أن هذه اليمين أعظم من أن تُكفَّر، فالكبائر لا كفارة فيها، كما لا كفارة في السرقة والزنا وشرب الخمر.

الثاني: أن فيها الكفارة: وهو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد، وابن حزم، وحجتهم:

١ - أن الغموس يمين مكسوبة معقودة (!!) إذ الكسب فعل القلب، والعقد: العزم، ومن أقدم على الحلف كاذبًا متعمدًا فهو فاعل بقلبه ومصمم، فهو مؤاخذ، لقوله تعالى {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٢).

٢ - وقال تعالى {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ... ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (٣).

فهذا عموم يدخل فيه كل يمين يحنث فيه صاحبه، ولا تسقط الكفارة إلا بنص.

٣ - قوله صلى الله عليه وسلم: «... فليأت الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه» (٤) قالوا: فأمره صلى الله عليه وسلم بتعمد الحنث وأوجب عليه الكفارة.

٤ - أن اليمين الغموس أحق بالتكفير من سائر الأيمان المعقودة، لأن ظاهر الآيتين السابقتين ينطبق عليها من غير تقدير، لأنها حانثة من حين إرادتها والنطق بها، فالمؤاخذة مقارنة لها، بخلاف سائر الأيمان المعقودة، فإنه لا مواخذة عليها إلا عند الحنث فيها، فهي محاجة في تطبيق الآيتين عليها إلى تقدير بأن يقال: ولكن يؤاخذكم بالحنث فيما كسبت قلوبكم، وفي قوله {إِذَا حَلَفْتُمْ} أي: حلفتم وحنثتم.

الراجح:

الذي يظهر أن عدم إيجاب التكفير أقوى، ويُردُّ على أدلة المخالفين (٥) بأن


(١) إسناده حسن: أخرجه البيهقي (١٠/ ٣٨).
(٢) سورة البقرة: ٢٢٥.
(٣) سورة المائدة: ٨٩.
(٤) صحيح: تقدم في أول الباب.
(٥) مستفاد من «فقه الأيمان» لأخي في الله عصام جاد -حفظه الله- باختصار، وهناك بعض الردود الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>