للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغوا وأثم في الأولى دون الثانية وعلى آت منعقدة، وفيها كفارة فقط،

ــ

ترك أو صفة وهو بخلافه (لغوا). قال في (المغرب): اللغو الباطل من الكلام ومنه اللغو في الأيمان لما لا يعقد عليه القلب وقد لغى في الكلام يلغو ويلغي ومنه فقد لغوت والماضي ليس بقيد أيضا، كما في (البدائع) وما مر من التكلف باق هنا (وأثم) الحالف أي: استحق العقوبة (في الأولى) أي: في الغموس لرواية البخاري (الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) ومن ثم قال السرخسي: إن إطلاق اليمين عليها مجاز لأنها عقد مشروع وهذه كبيرة محضة، وجاء في كثير من الروايات تقييد الوعيد فيها بأن يقطع بها حق امرئ مسلم ومن ثم [٢٧٦/ب] قال في (البحر): ينبغي / أن تكون كبيرة إذا اقتطع بها ما مسلم أو أذاه، وصغيرة إذا لم يترتب عليها مفسدة، وأنت خبير بأن هذه ينافي إطلاق ما روينا وما قدمناه عن شمس الأئمة صريح فيه ومعلوم أن إثم الكبائر متفاوت (دون الثانية) وهو اللغو لقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} (البقرة: ٢٢٥) وقول محمد فهذه اليمين نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها على ما علمت من النص مشكل، وأجيب إنما علق نفي المؤاخذة بالرجاء للاختلاف في تفسير اللغو فإن تفسير الشافعي له بكل يمين صدر من غير قصد في الماضي والمستقبل لبيان ما مر من أن تفسيره إذ الظن لا يكون إلا عند قصد، وقال ابن جبير: هو أن يحرم على نفسه ما أحل الله من قول أو عمل فلما اختلف في معناه علقه بالرجاء.

قال في (الفتح): والأصح أن اللغو بما ذكر من التفاسير متفق على عدم المؤاخذة به في الآخرة وكذا في الدنيا بالكفارة فلم يتم العذر عن التعليق بالرجاء فالأوجه ما قيل: إنه لم يرد به التعليق بل التبرك باسمه تعالى والتأدب انتهى.

وأقول: اختلف المتأخرون في المؤاخذة المنفية فقيل: المعاقبة قي الآخرة وقيل: هي المؤاخذة بالكفارة كما في (الكشاف) وغيره، والثاني أظهر بدليل ما بعده ولا شك أن تفسير اللغو على أمرنا ليس أمرا مقطوعا به إذ الشافعي قائل بأن هذا من المنعقدة فلا جرم علقه بالرجاء وهذا معنى دقيق ولم أر من عرج عليه (و) حلفه (على آت منعقدة) أي: على أمر يفعله أو لا يفعله ويجب أن يراد بالفعل فعل الحالف ليخرج نحو والله لا أموت ولا تطلع الشمس فإنه في هذين غموس.

قال في (الحواشي اليعقوبية): لقوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان} (المائدة: ٨٩) (وفيها الكفارة) لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم) (المائدة: ٨٩) ولا يتأتى الحفظ والهتك إلا في المستقبل، وقوله (فقط)، قال الشارح: لا معنى له لأن في المنعقدة إثما أيضا ولفظ الكفارة ينبئ عنه إذ هي الساترة للإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>