للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو عين البسر، والرطب، واللبن لا يحنث برطبه، وتمره، وشيرازه بخلاف هذا الصبي، وهذا الشاب وهذا الحمل.

ــ

فرع

حلف هذا لا يأكل من هذه الشجرة فقطع غصنا منها ووصله بأخرى فأكل من ثمر هذا الغصن لا يحنث، وقيل: يحنث (ولو عين البسر أو الرطب أو اللبن) بأن حلف لا يأكل هذا البسر أو الرطب أو اللبن فصار البسر رطبا والرطب ثمرا واللبن شيرازا (لم يحنث برطبه وثمره) بالمثناة وهو ما يبسر منه (وشيرازه) أي: اللبن وهو ما خثر منه أي ثخن بعدما استخرج ماؤه يقال خثر اللبن وغيره من حد قتل ثخن واشتد فهو خاثر وخثر خثرا كتعب ويعدى بالهمز والتضعيف كذا في (المصباح)، وإنما لم يحنث لأن الأصل أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف والمنكر فإن زالت زال اليمين عنه وما لا تصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف، ولا خفاء أن صفة البسورة والرطوبة واللبنية مما قد تدعو إلى اليمين بحسب الأمزجة فإذا زالت زال ما عقدت عليه اليمين فأكله أكل ما لم تنعقد عليه (بخلاف) ما إذا حلف لا يكلم (هذا الصبي وهذا الشاب وهذا الحمل) فكلمه بعدما شاخ حنث لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي فلم يعتبر ما يحال داعيا إلى اليمين من جهله وسوء أدبه.

وكذا لو حلف لا يأكل من هذا الحمل فأكله بعدما صار كبشا حنث لأن صفة الصغر في هذا ليست داعية إلى اليمين فانعقدت على ذاته، قيل: فيه نظر إذ لا نسلم أن الشارع منع الهجران مطلقا بل قد يجوز أو يجب إذا كان لله بأن كان يتكلم بما هو معصية أو يخشى فتنة أو إفساد عرضه بكلامه ولأن صفة الحمل غير داعية، كيف وهو غير محمود لكثرة زيادة رطوباته بخلاف الكبش فإن لحمه أكثر قوة وتقوية للبدن لقلة رطوباته؟

وأجاب في (الفتح) بأن هذا ذهول عن وضع المسائل وأنها إنما بنيت على العرف فينصرف اللفظ إلى المعتاد في العمل والعرف في القول وأن المتكلم لو أراد معنى تصح إرادته من اللفظ لا يمنع منه ففي الحمل العموم يفضلونه وهو عندهم في غاية الصلاح وما يدركه إلا الأفراد من الأطباء فوجب بحكم العرف صرف اليمين إلى ذاته، وكذا الصبا لما كان موضع الشفقة والرحمة عند العموم وفي الشرع لو يجعل داعية إلى اليمين فينصرف إلى ذاته وهذا لا ينافي كون حالف أراد تقييد يمينه بالحملية والصبا، إذ الكلام فيما إذا لم ينو ذلك قيد بالإشارة إليه لأنه لو حلف لا

<<  <  ج: ص:  >  >>