للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سبحانه وتعالى بلا خلاف ولو تزندق فإن توبته لا تقبل في ظاهر المذهب وفي (الدراية) في الزنديق روايتان.

وفي (الخانية) قالوا: لو جاء قبل أن يؤخذ وأقر أنه زنديق فتاب تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لم تقبل ويقتل انتهى. وينبغي أن يكون هذا التفصيل محمل الروايتين وفسر الزنديق في (فتح القدير) بأنه الذي لا يتدين بدين أما من يبطن الكفر ويظهر الإسلام فهو المنافق ويجب أن يكون حكمه في عدم قبول توبته كالزنديق لأن ذلك في الزنديق لعد الاطمئنان إلى ما يظهر من التوبة إذا كان يخفي كفره الذي هو عدم اعتقاده دينا والمنافق مثله في الاعتقاد وعلى هذا فطريق العلم بحاله إما بأن يعثر بعض الناس عليه أو يسيره إلى من هو آمن إليه والحق أن الذي يقتل ولا تقبل توبته هو المنافق فالزنديق إن كان حكمه ذلك فيجب أن يكون مبطنا كفره الذي هو عدم التدين بدين ويظهر تدينه بالإسلام أو غيره إلى أن ظفرنا به وهو عرافي وإلا فلو فرضناه مظهرا لذلك حتى تاب يجب أن لا تقبل توبته كسائر الكفار المظهرين لكفرهم إذا أظهروا التوبة، وأما إذا كان ساحرا واعتقد إباحته فإنه يكفر ولا تقبل توبته ولا إمرة ولا خلاف بين أهل العلم في حرمة تعليمه وتعلمه وقد قال أصحابنا إن له حقيقة وتأثيرا في إيلام الأجسام خلافا لمن منع وقال: إنه تخييل كذا في (الفتح).

وفي (الخانية): الساحر إذا تاب أو كان يعتقد نفسه خالقا ثم تاب عن ذلك وتبرأ منه تقبل توبته ولا يقتل، وإن كان يستعمله بالتجربة ولا يعتقد له أثرا لا يقتل، وإن كان يجحد السحر فلا يدري كيف يفعل ولا يقر به قالوا: لا يستتاب بل يقتل إذا ثبت أنه مستعمل السحر، وفي بعض المواضع ذكر أن الاستتابة أحوط، وقال أبو الليث: إذا تاب قبل أن يؤخذ قبل توبته ولا يقتل وإذا اخذ ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل وكذا الزنديق المعروف الداعي والفتوى على هذا القول انتهى، هذا وأما الكاهن فقيل: هو الساحر وقيل: هو العراف الذي يحدس ويتخوص وقيل: هو الذي له من الجن ما يأتيه بالأخبار، وقال أصحابنا: إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر، وعند الشافعي إن اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب وأنها تفعل ما يلتمسه كفر.

قال في (الفتح): ويجب أن لا يعدل عن مذهب الشافعي في كفر الساحر والعراف وعدمه، وأما قتله فيجب ولا يستتاب إذا عرفت مزاولته لعمل السحر لسعيه في الفساد في الأرض لا بمجرد علمه إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره.

<<  <  ج: ص:  >  >>