للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن نكحها قبل أمس وقع الآن

ــ

معهودة منافية لمالكية الطلاق، فصار كما لو قال: طلقتك وأنا مجنون وقد عهد جنونه، ولو قال في الأولى: إن تزوجتك فأنت طالق قبله أو عكس لغت القبلية ووقع الطالق عند وجود الشرط اتفاقا، أما إذا قدم القبلية فلأن التعليق ناسخ للإضافة فصار كما لو قال: أنت كذا قبل أن تدخلي الدار إذا دخلتها حيث تلغو ويتعلق بالدخول وأما إذا أخرها فلأنه قصد إبطال التعليق ولو أخر الجزء فكذلك عندهما خلافا للثاني لأن ذكر الفاء رجح جهة الشرطية والمعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده (وإن نكحها قبل أمس وقع) الطلاق (الآن) لأنه لم يسنده إلى حالة منافية ولا يمكن تصحيحه إخبارا لكذبه وعدم قدرته على الإسناد فكأن أنشأ في الحال.

قال في (الفتح): وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور المنقولة عن متأخري الشافعية وهي إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا بوقوع الطلاق وحكم أكثرهم أنها لا تطلق بتنجيز طلاقها لأنه لو لم تنجز وقع المعلق قبله ثلاثا ووقوع الثلاث سابقا على التنجيز يمنع المنجز والمعلق لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال ونقول أيضا: إن هذا تغيير لحكم اللغة لأن الأجزئة تنزل بعد الشرط أو معه لا قبله، ولحكم العقل أيضا لأن مدخول أداة الشرط سبب والخبر مسبب عنه ولا يعقل تقدم المسبب على السبب فكان قوله قبله لغو البتة فيبقى الطلاق جزاء للشرط غير مقيد بالقبلية، ولحكم الشرع لأن النصوص ناطقة بشرعية الطلاق وهذا يؤدي إلى رفعها فيتفرع في المسألة المذكورة وقوع ثلاث للواحدة المنجزة واثنتان من المعلقة، ولو طلقها اثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة أو ثلاث وقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو ولو كان قال: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وقع اثنتان المنجزة والمعلقة وقس على ذلك انتهي، وما اختاره من الوقوع جزم به في (القنية) حيث قال في آخر الإيمان: قال لها كلما وقع عليك طالق فإنك طالق قبله ثلاثا ثم طلقها بعد ذلك ثلاثا يقعن وهذا طلاق الدور وإنه لا يقع عند الشافعي انتهى.

لكن الذي رجحه الشيخان عندهم وقوع المنجزة دون المعلقة وقد منع في (البحر) كون عدم الوقوع فيه تغييرا لحكم العقل والشرع، أما الأول فلأنا لا نسلم أنه يلزم كون مدخول أداة الشرط سببا والجزاء مسبب عنه فقد قال الرضي: لا يلزم مع الفاء كون الأول سببا للثاني بل اللازم أن يكون ما بعدها لازما لمضمون ما قبلها كما في جميع صور الشرط والجزاء ففي قوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [النمل: ٥٣] كون النعمة منه لازم حصولها معنى ولا تعتبر من قول بعضهم أن الشرط

<<  <  ج: ص:  >  >>