للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلا الصحابة الثلاثة: أن الأمر يحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب, وفرض شيء على عباد الله من غير دليل تطمئن إليه النفس أمر صعب, لأن فرض ما ليس بفرض كتحريم ما ليس بحرام.

وفي المختارات الجلية للسعدي: (ونقض الوضوء بتغسيل الميت فيه نظر, لأن الحديث الوارد فيه لم يثبت, وما روي عن ابن عمر وابن عباس في أمرهما من غسل الميت بالوضوء لا يتعين حمله على الوجوب ولا يزيل الأصل الثابت في بقاء الطهارة) (١).

ويؤيد عدم الوجوب حديث ابن عباس مرفوعاً - ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه, فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم - (٢).

وبناء على هذا فالأقرب أن من غسل ميتاً يستحب له الغسل ولا يجب عليه, لكن لم يقال بالوجوب لحديث ابن عباس السابق - ليس عليكم في غسل ميتكم .. - الحديث, ولقول ابن عمر رضي الله عنهما - كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل - (٣).

سابعاً: أكل لحم الإبل, بدليل حديث البراء بن عازب وفيه قول النبي - - توضؤا من لحوم الإبل - (٤) , ولحديث جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي - - أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ, قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل .. الحديث - (٥).

[س١٨١: هل الكبد والرأس والشحوم وغيرها من أجزاء الإبل ناقضة للوضوء أم لا؟]

ج/ الراجح في ذلك أن كل أجزاء الإبل ناقضة للوضوء.

ومن الأدلة على ذلك:

١ - قالوا أنه باستقراء أدلة الشرع أي بالنظر بالأدلة الشرعية لم نجد أن حيواناً بعضه حلال وبعضه حرام وبعضه ينقض وبعضه لا ينقض, ولذلك قاسه صاحب الشرح الكبير على الخنزير, فالحيوان إما أن كله حلال كالإبل, وإما أن يكون كله حرام كالخنزير, وكذلك هنا يقال إما أن كله يكون ناقض أو يكون كله لا ينقض.

٢ - أنّ في الإبل أجزاء كثيرة قد تقارب الهبر, ولو كانت غير داخلة لبين ذلك رسول الله - , لعلمه أن الناس يأكلون الهبر وغيره.


(١) المختارات الجلية للسعدي ص٢٣.
(٢) أخرجه الحاكم وصححه على شرط البخاري ووافقه الذهبي, وكذا اخرجه البيهقي وحسنه ابن حجر.
(٣) رواه الدارقطني والخطيب في تاريخه بإسناد صحيح كما قال الحافظ رحمه الله.
(٤) رواه الإمام أحمد, وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.
(٥) رواه مسلم.

<<  <   >  >>