للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه عدم السقوط القياس على سائر الديون والحقوق والمؤاخذات كجزاء الصيد وغيره، وليس في الحديث سقوطها بل قوله -عليه الصلاة والسلام- لما أتى بالعرق له: "خذ هذا فتصدق به" دليل على بقائها, وإنما أذن له في صرفه لعياله لحاجته كما سيأتي (١)، فإن الكفارة تجب على التراخي لا على الفور، كما سلف


(١) قال ابن العربي -رحمنا الله وإياه- في القبس (٢/ ٥٠٠): "وهم وتنبيه": لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي "كُلْهُ" ظنَّت طائفة أن الكفارة ساقطة عنه، وقالوا بأن ذلك مخصوص به -تقدم في القول الأول وتخريجه- ولم يتنبهوا لفقه عظيم، وهو أن هذا رجل ازدحمت عليه جهة الحاجة وجهة الكفارة فقدم الأهم، وهو الاقتيات، وبقيت الكفارة في ذمته إلى حين القدرة، حسب ما أوجبها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, قال علماؤنا: ولم يذكر القضاء لعلمه به. اهـ.
وهذا اختيار ابن دقيق العيد، كما نقله عنه ابن حجر في الفتح (٤/ ١٧٢)، والبغوي في شرح السنَّة (٦/ ٢٨٧).
قال ابن القاسم -رحمنا الله وإياه- في حاشية الروض (٣/ ٤٢٠): قال ابن الوزير: أجمعوا على أنه إذا عجز عن كفارة الوطء، حين الوجوب سقطت، إلا الشافعي، في أحد قوليه. اهـ. وانظر: الفتح الرباني (١٠/ ٩٩).
قال ابن عبد البر في الاستذكار (١٠/ ١٠٧): إن احتج محتج في إسقاط الكفارة عن المعسر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "كله أنت وعيالك" ولم يقل له: تؤديها إذا أيسرت، ولو كانت واجبة عليه لم تسقط عنه حتى يبين ذلك له قيل له: ولا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنها ساقطة عنك لعسرتك بعد أن أخبره بوجوبها عليه، وكل ما وجب أداؤه في اليسار لزم الذمة إلى الميسرة، والله أعلم. نقله في تلخيص الحبير (٢/ ٢٠٨). انظر: التحقيق =

<<  <  ج: ص:  >  >>