للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلنا بأن من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوجه المنقول من صفته فرؤياه حق- فهذا من باب تعارض الدليلين، والعمل بأرجحهما. وما ثبت من اليقظة فهو أرجح، وإن كان غير مخالف لما ثبت في اليقظة ففيه خلاف، نقل ذلك كله الشيخ تقي الدين عن الفقهاء (١).

واعترض الفاكهي على ما ذكره من كون هذا من باب تَعَارُضِ الدليلين.

فقال لقائل، أن يقول ليس هذا منه إذ النسخ لا يتصور بعده -عليه الصلاة والسلام- في منام ولا يقظة، وإنما يقال: تَعَارُضَ الدليلان إذا تساويا في الأصل، ولا مساواة ها هنا لما ذكرناه، قال: وحكاية الخلاف في الثاني لا أدري كيف يتصوره مع عدم المخالفة ألا ترى أنه لو قال له -عليه الصلاة والسلام- في منامه حافظ على الصلوات، وأداء الزكاة ونحو ذلك مما تقرر في الشريعة هل يتصور الخلاف فيه أو يعقل إلَاّ أن يراد أنه -عليه الصلاة والسلام- أمره بشيء لم يتقرر له حكم في الشرع، فهذا محتمل.

قال الشيخ تقي الدين: والاستناد إلى الرؤيا هنا أمر ثبت استحبابه مطلقاً، في طلب ليلة القدر، وإنما ترجح السبع الأواخر بسبب المرائي الدالة على كونها في السبع الأواخر، وهو استدلال على أمر وجودي لزمه استحباب أمر شرعي مخصوص بالتأكيد، بالنسبة إلى هذه الليالي، مع كونه غير منافٍ للقاعدة الكلية الثابتة، من استحباب طلب ليلة القدر، وقالوا: يستحب في جميع الشهر.


(١) إحكام الأحكام (٣/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>