للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلها كبائر. وحكاه القاضي عياض عن المحققين؛ لأن كل مخالفة فهي بالنسبة إلى جلال الله [تعالى] (١) كبيرة، ولهذا قال السلف

رحمة الله عليهم: لا تنظر إلى الذنب، ولكن انظر إلى من عصيت. لكن جمهور السلف والخلف على الأول، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا. قال الغزالي في "بسيطه": إنكار الفرق بين الصغيرة والكبيرة لا يليق بالفقه، وقد فُهِمَا من مدارك الشرع وقاله أيضًا غير الغزالي بمعناه. ولا شك في كون المخالفة قبيحة جدّا بالنسبة إلى جلال الله تعالى، ولكن بعضها أعظم من بعض، وتنقسم باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان أو الحج أو العمرة أو الوضوء أو صوم عرفة أو صوم عاشوراء، أو فعل الحسنة أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة، وإلى ما لا تكفره ذلك كما ثبت في الصحيح: "ما لم تغش الكبائر" فسمى الشرع ما تكفره الصلوات ونحوها صغائر وما لا تكفره كبائر [وهذا حسن بالغ] (٢) ولا يخرجها هذا عن كونها قبيحة بالنسبة إلى جلال الله تعالى،

فمانها صغيرة بالنسبة إلى ما فوقها, لكونها أقل قبحًا، ولكونها ميسرة التكفير.

الثانية: درجات الكبائر متفاوتة بحسب تفاوت مفاسدها, ولا يلزم من كون هذا أكبر الكبائر استواء رُتبها أيضًا في نفسها، فإن الإِشراك بالله تعالى أعظم الكبائر، ويليه قتل النفس بغير حق، كما نص عليه الشافعي في "مختصر المزني"، واتفق عليه الأصحاب. قال


(١) في ن هـ ساقطة، وما أثبت يوافق شرح مسلم (١/ ٨٤، ٨٥).
(٢) في شرح مسلم (١/ ٨٥) (ولا شك في حسن هذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>