للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرض على العلل المنقولة فإن كانت مجانسة لها كانت ملائمة، وقبلت، وإن كانت بخلافها، وكانت ثابتة لذلك الحكم عند المقابلة بالأصول ردت، وإذا قبلت بالملائمة أو بالإخالة لم يجب العمل بها بصفة العدالة واليأس من الرفع، وذلك في الاطراد من غير أن يرده أصل ناقصًا ولا معارضًا لأن الوصف مع الملائمة احتمل أن لا يكون علة، لأن الملائمة لا تجعلها علة ولا تنفي عنها احتمال ما يجرحها ويبطل شهادتها فيجب عرضها على المزكين، أو بعضهم تيسيرًا، وهي سائر الأصول فإنها شهود الله تعالى خلقًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإذا عرضت على البعض فلم ترد بنقض ولا معارضة ثبتت العدالة بدليلها، وصارت بمنزلة ما لو عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عن الرد فكان السكوت عن الرد بمنزلة التقرير والشهادة بالصحة.

ومثال ذلك ما قيل في الشاهد، لا تقبل شهادته حتى يأتي بلفظ ملائم لفظة أشهد، وإن كان بلغة أخرى ثم لا يعمل بها حتى تثبت العدالة وذلك بالعرض على بعض المزكين الذين لهم علم بباطن أحواله وصاروا حجة في الباب، وتثبت هذه الحجة بالبعض دون الكل فإذا أثنوا عليه وصار عدلًا صار حجة، وإن توهم رد من جرح يأتي من معدلين سواهم أو معارضة وكان الوقف للدفع بعده حسنًا.

فإذا لم يظهر الدفع عمل بها، وإن لم ينقطع الوهم قالوا: وكما استجزتم ثبوت العدالة للشهود بقول بعض المزكين، وعدم الوقوف على الأفعال الجارحة من غيره فاستجيزوا ثبوت العدالة للوصف بتعديل بعض الأصول وعدم الوقوف على ناقص آخر أو معارض فليس بين الأمرين فرق.

وأما الذين قالوا: إن الوصف يصير حجة يعمل بها بالملائمة ثم العرض يصار إليه ليعرف ما يجرح أو يدفع، فذهبوا إلى أن عدالة الوصف في صلاحه لا غير.

فأما الشاهد فعدالته في طاعة ربه أمرًا ونهيًا لأن العبد مؤتمن عدالته في أداء الأمانة، وهو ممن يؤدي الأمانة ولا يؤدي فكانت الحال محتملة فلم يزل الاحتمال إلا بدليل.

فأما الوصف فما عنده أمانة ولا يوصف بخيانة تثبت عدالته بالتعرف للرد، ولكن الرد موهوم من سائر الأصول كشاهد عدل بمعدلين لا يؤمن من رد يرد عليه من معدلين آخرين، أو من شهود بالمعارضة فلا يتسارع إلى القضاء احتياطًا فعلى هذا لا يصير الإطراد دليل صيرورته حجة، بل الانتقاض يصير جرحًا بعد الصحة كتوهم الرد في الفصل الأول بعدما أطرد في بعض الأصول.

وتبين على اختلاف الأقوال أن الشافعي ما دل على صحة العلة بالإطراد في كل الأصول كما ذهب إليه كثير من شيوخنا، وشيوخه، فإنه متى دل عليه به لم يمكنه إثبات

<<  <   >  >>