للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أن ما ذكره الجصاص كلام لايستقيم؛ قال الفخر الرازي (١) ردًا على ما ذكره الجصاص: "هذا في غاية الركاكة؛ لأنّه لما ثبت أن هذا دين، وثبت بحكم الآية أن الدِّين مقدم على الميراث لزم المقصود لا محالة، وحديث الإطلاق والتقييد كلام مهمل لايقدح في هذا المطلوب" (٢).

٢ - ويمكن مناقشة هذه الآية كذلك: بأنّه على فرض التسليم بأن كلمة (دين) في الآية تشمل دين الله تبارك وتعالى، فإن الّذي يُقضى من ديون الله تعالى، هو ما له تعلّق بالمال؛ كالزكاة، ونحوها، وكذلك يقضى منها الحجِّ، والصوم؛ لورود النص بذلك، أمّا الصّلاة فلم يردّ بخصوصها نصّ، فلا تدخل تحت هذه الآية.

وحاصل ذلك: أن الآية خاصّة بالديون المالية، ويلحق بها ما ورد به النص، من الديون غير المالية، وما عدا ذلك فلا يدخل تحت هذه الآية.

ب - الأدلة من السُّنَّة المطهرة:

الدّليل الأوّل:

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النّبيّ -صلّي الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إنَّ أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال -صلّي الله عليه وسلم-: "لو كان على


(١) هو: محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، أبو عبد الله فخر الدِّين الرازي المعروف بابن الخطيب، الفقيه الشّافعيّ، الأصولي، المتكلم، المفسر، الأديب، برع في شتى العلوم، وله مؤلفات كثيرة منها: التفسير الكبير، ومفاتيح الغيب، المحصول في علم الأصول، وشرح الوجيز للغزالي، وغيرها، توفي سنة: ٦٠٦ هـ: (طبقات الشّافعيّة الكبرى: ٨/ ٨١، وفيات الأعيان لابن خلكان: ٤/ ٢٤٨).
(٢) التفسير الكبير للرازي: ٩/ ٢٣٢ - ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>