للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- بين النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - للسائل أن دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- كذلك يجب قضاؤه عن الميِّت،

بل جعله النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أحق بالقضاء من دين الآدميين (١).

فعلم بذلك أن دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- دين حقيقة، وأنّه متعلّق بذمة الميِّت حال حياته وبتركته بعد وفاته.

ثانيًا: أن هذه الأحاديث إنّما وردت في قضاء الصوم، والحج، ولم ترد في قضاء الصّلاة؛ فقياسكم الصّلاة على الصوم، والحج، لايصح؛ لأنّ الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إِلَّا ما شرعه الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٢). فباب العبادات يقتصر فيه على النصوص، ولا يجوز التصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء.

وعليه، فلا دلالة في هذه الأحاديث على مشروعية قضاء الصّلاة عن الميِّت، وأخذ الأجرة على ذلك (٣).


(١) في هذه المسألة خلاف بين الفقهاء، فقد اختلفوا في أي الدينين يقدم إذا ضاقت التركة عنهما؛ فذهب الشّافعيّة إلى تقديم دين الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وذهب المالكية إلى تقديم دين العباد على دين الله -عَزَّ وَجَلَّ-. أمّا الحنفية فقالوا: إنَّ دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- يسقط بالموت، إِلَّا إذا أُوصيَ به، فإنّه يخرج من ثلث التركة، وأمّا الحنابلة فيقدمون الدِّين المتعلّق بعين التركة، أو ببعضها، كالدين المرهون به شيء من التركة، ثمّ بعد ذلك الديون المتعلّقة بذمة المتوفى، ولا فرق في ذلك بين دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- ودين الآدمي. انظر في ذلك: حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٩٢، ٥/ ٤٨٤، الشرح الصغير للدردير: ٤/ ٦١٨، نهاية المحتاج للرملي: ٦/ ٧، كشاف القناع للبهوتي: ٤/ ٤٠٣ - ٤٠٤.
(٢) سورة الشورى، آية: ٢١.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٩/ ١٧، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٧/ ٤٤٠ - ٤٤١ (طبعة دار الشعب).

<<  <  ج: ص:  >  >>