للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناقشة الإجماع]

يمكن مناقشة هذا الإجماع بما يأتي:

أوَّلًا: لا نسلم بصحة هذا الإجماع؛ وذلك لوجود الخلاف في هذه المسألة، والإجماع يضاده الخلاف، وقد تقدّم ذكر الخلاف، وحكاية الأقوال في هذه المسألة، فلا معنى لذكر الإجماع هنا.

ثانيًا: أن هذا الإجماع ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بالصلاة عن الحي، ومن أطلقه أراد به ذلك، وقد تقدّم ذكر الإجماع في ذلك عند ذكر تحرير محل النزاع.

ويمكن الاعتذار عن هؤلاء بما يأتي:

ا- أنّهم لم يبلغهم الخلاف في ذلك.

٢ - أنّهم أرادوا به الإجماع داخل مذهبهم، وهو هنا المذهب المالكي؛ حيث إنَّ كلّ من نقل الإجماع في هذه المسألة هو مالكي المذهب، كما تقدّم ذكر ذلك، وهذا كذلك غير مسلَّم؛ حيث يوجد الخلاف كذلك داخل المذهب، وممن خالف في ذلك: ابن عبد الحكم، وابن وهب (١)،


قلت: قد نقل الاتفاق على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى؛ قال: "صلاة الفرض، لا يفعلها أحد عن أحد، لا بأجرة، ولا بغير أجرة باتِّفاق الأئمة، بل لا يجوز أن يستأجر أحدًا ليصلّي عنه نافلة باتِّفاق الأئمة، لا في حياته، ولا في مماته، فكيف من يستأجر ليصلّى عنه فريضة: "مجموع الفتاوى: ٣٠/ ٢٠٣.
قلتُ: وقد أطلق شيخ الإسلام رحمه الله الخلاف في صلاة النَّذْر، ولم يرجح، ولكن يفهم من كلامه هذا أنّه لا يجيز ذلك، وهذه هي الرِّواية الثّانية عند الحنابلة - كما مرّ -.
(١) هو: عبد الله بن وهب بن مسلم المصري، أبو محمّد الفقيه المجتهد، أحد أصحاب مالك. من مؤلفاته: الجامع في الحديث، والموطَّأ، والمناسك، والمغازي، وغيرها، توفي سنة ١٩٧ هـ بمصر. (الديباج المذهب ص/ ١٣٢، شجرة النور الزكية: ص ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>