للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّيام عبادة بدنية محضة، بل هو أكثر تعلّقًا بالبدن من الصّلاة، ومع ذلك تدخلها النِّيابة، كما ثبت ذلك في حديث عائشة أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) (١).

ثمّ إنّه قد وردت أدلة بخصوص الصّلاة المنذورة، وأنّها تدخلها النِّيابة كما سيأتي.

الدّليل الثّاني:

أن المقصود من الصّلاة هو الخشوع، والخضوع، وإجلال الرب سبحانه وتعالى، والانقياد تحت حكمه، وعمارة القلب بذكره، حتّى يكون العبد بقلبه، وجوارحه حاضرًا مع الله، ومراقبًا له غير غافل عنه، والنيابة في الصّلاة تنافي هذا المقصود؛ لأنّ ذلك لا يتحقق بفعل النائب، فلا تجوز النِّيابة فيها (٢).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الاستدلال بما يأتي:

أوَّلًا: إنَّ ما ذكر في التعليل إنّما هو المقصود من جميع العبادات، وقد ثبت جواز النِّيابة في الصوم، والحج، وهذا القصد مطلوب فيهما فدلّ على أن ذلك لا ينافي النِّيابة.

ثانيًا: إنَّ المسلم المكلَّف قد يؤدِّي الصّلاة بدون خشوع، ولا خضوع حتّى إنّه لا يَعْقِل منها شيئًا، ومع ذلك تصح صلاته، ويسقط بها الفرض، ويكون أجره عليها على قدر ما عقل منها، كما أخبر بذلك النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -؛ ومن ذلك:

ما رواه عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: (إنَّ الرَّجل لينصرف، وما كتب له إِلَّا عُشر صلاته، تسعُها، ثُمنها، سُبعها، سدُسُها، خمسهما،


(١) تقدّم تخريجه ص/١٦٣.
(٢) الفروق للقرافي: ٢/ ٢٠٥، الموافقات للشاطبي: ٢/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>