للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كلّ واحد منها، فيأخذ النائب أَجْرَه، كما يأخذ المستنيب، والأصل في ذلك قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعد نفقة عيالي، ومؤنة عاملي فهو صدقة) (١) (٢).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الاستدلال بما يأتي:

أوَّلًا: أن المراد بالعامل في الحديث هو الخليفة بعده- صلّى الله عليه وسلم -، وهذا هو المعتمد (٣).

وعليه، فيكون ذلك من باب الأرزاق لا من باب الإجارات، والأرزاق على الأذان ونحوه مجمع على جوازها - كما سبق -، وكلامنا هنا حول الإجارة، فافترقا.

ثانيًا: أنّه قاس المؤذن على العامل، وهذا قياس في مصادمة النص الوارد عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في المنع من أجرة المؤذن، وهو حديث عثمان بن أبي العاص، وكذلك فتيا ابن عمر - كما سيأتي -، ولم يخالفه أحد من الصّحابة، فهو قياس فاسد. وعليه، فلا يجوز الاستدلال بهذا الحديث على ما نحن فيه (٤).


= في شرح التّرمذيّ، وأحكام القرآن، والقبس شرح الموطَّأ، وغيرها كثير، ولد في أشبيلية سنة ٤٦٨ هـ، وتوفي في فاس، ودفن بها سنة ٥٤٣ هـ. انظر: الديباج المذهب: ص ٢٨١، شجرة النور الزكية ص: ١٣٦، شذرات الذهب لابن العماد: ٦/ ٢٣٢ - ٢٣٤.
(١) أخرجه البخاريّ: في كتاب الوصايا، باب: نفقة قيم الوقف: ٥/ ٤٧٦ (٢٧٧٦)، وفي كتاب فرض الخمس باب: نفقة نساء النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بعد وفاته: ٦/ ٢٤١ (٣٠٩٦)، وفي كتاب الفرائض، باب: قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركناه صدقة": ١٢/ ٨ (٦٧٢٩)، وأخرجه مسلم في الجهاد، باب قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركناه صدقة: ٣/ ١٣٨٢ (١٧٦٠).
(٢) عارضة الأحوذي لابن العربي: ٢/ ١٢ - ١٣.
(٣) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاريّ لابن حجر: ٦/ ٢٤١. الطبعة السلفية الثّانية.
(٤) انظر: نيل الأوطار للشوكاني: ٢/ ٥٩، حيث نقل هذا الجواب ابن سيد النَّاس اليعمري في شرحه على التّرمذيّ المسمى (النفح الشذي)، وقد طبع منه جزآن بتحقيق الدكتور أحمد معبد عبد الكريم الأستاذ بقسم السُّنَّة - يسّر الله له إكماله -.

<<  <  ج: ص:  >  >>