للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعيرة العظيمة، وهجر المساجد، وإضاعة صلاة الجماعة، وغير ذلك من المفاسد الّتي لا تخفى، وهذا كله يؤدِّي إلى إلحاق الحرج والضيق والضرر بالمسلمين، فكانت الحاجة والضرورة داعية إلى الأخذ بهذا القول.

ثانيًا: أن هذا القول فيه توسط، فهو أعدل الأقوال؛ وذلك لأنّ القول بالمنع مطلقًا يوقع المسلمين في الحرج والضيق كما تقدّم.

والقول بالجواز مطلقًا، فيه مخالفة لحديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - التصحيح الصريح في

المنع من الاستئجار على الأذان، وهو حديث عثمان بن أبي العاص المتقدم.

ثالثًا: أن هذا القول لا ترد عليه مناقشات كما ورد على أدلة أصحاب الأقوال الأخرى، فقد تمت مناقشتها جميعًا.

رابعًا: أن أصحاب هذا القول عندما أجازوا الاستئجار على الأذان في محل الضّرورة إنّما أجازوه على ملازمة المكان، والقيام على المسجد، ومراعاة المواقيت، وليس على ذات الأذان (١).

خامسًا: أن ترك الأمر للمحتسبين أمر لا ينضبط؛ لأنّه يترتب على ذلك ما يأتي:

١ - أن المحتسب لا يمكن إلزامه، وبالتالي إذا انقطع بعض الأوقات، أو انقطع بالكلية فلا يمكن محاسبته، وبالتالي يصبح الأمر فوضى، ويترتب على ذلك ما يترتب على القول يمنع الاستئجار مطلقًا.

٢ - أن ذلك يعطي الفرصة لأهل البدع، والجهال، والفساق - كما في هذا الزّمان - للقيام بهذه الوظيفة الشريفة، وهذا خلاف ما ذكره أهل العلم من شروط المؤذن، وأنّه ينبغي أن يكون من أهل العدل، والأمانة، والسُّنَّة (٢).


(١) حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٦٣، الذّخيرة للقرافي: ٦٦/ ٢، ٥/ ٤٠٥. وانظر: سبل السّلام للصنعاني: ١/ ٢٦٤.
(٢) حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٦٣، مواهب الجليل للحطاب: ١/ ٤٣٦، والأم للشافعي: ١/ ٨٤، ومغني المحتاج للخطيب الشربيني: ١/ ١٣٨، والمغني لابن قدامة: ٢/ ٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>