للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الثّاني: قياس الإمامة في الصّلاة على الأذان في جواز الاستئجار عليها بجامع أن كلًا منهما شعار غير فرض (١).

[مناقشة الاستدلال]

١ - إنَّ قياس الإمامة على الأذان قياس مع الفارق، وبيان ذلك:

أن الأذان فيه كلفة غالبًا، بخلاف الإمامة، ثمّ إنَّ فضيلة الإمامة وفائدتها تحصل للإمام، وليس للمستأجر، وهي تحصيل فضيلة الجماعة بخلاف الأذان.

٢ - ثمّ إننا لا نسلم لكم بأن الأذان شعار، بل هو واجب كفائي، وقد يتعين والاستئجار عليه إنّما يكون في حالة الضّرورة والحاجة، ويكون حينئذ على مراعاة الأوقات وغير ذلك ممّا يلزم الأذان.

٣ - إننا لا نسلم لكم كذلك بأن الأذان يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقًا؛ لأنّ الأذان، قد ورد النص بالمنع من الاستئجار عليه (٢)، وإنّما جوزنا ذلك في حالة الضّرورة الحاجة فقط.

الدّليل الثّالث: قياس الإمام في الصّلاة على الخليفة في جواز الأجرة بجامع أن كلًا منهما عامل لمصلحة المسلمين.

قال ابن العربي (٣): "والصّحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة والقضاء، وجميع الأعمال الدينية، فإن الخليفة يأخذ أجرته على هذا كله، وينيب في كلّ واحد منها، فياخذ النائب أجره كما يأخذ المستنيب، والأصل في ذلك قول النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعد نفقة عيالى ومؤنة عاملي فهو صدقة) (٤).


(١) فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي: ١٢/ ٢٨٩ - ٢٩٠، روضة الطالبين للنووي: ٥/ ١٨٨.
(٢) وهو حديث عثمان بن أبي العاص، وقد تقدّم الكلام عليه.
(٣) عارضة الأحوذي لا بن العربي: ٢/ ١٣. دار الفكر.
(٤) سبق تخريجه. انظر: ص ١٩٢ مبحث أخذ المال على الأذان.

<<  <  ج: ص:  >  >>