للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في المدوّنة: "وإنّما جوز مالك هذه الإجارة؛ لأنّه إنّما أوقع الإجارة في هذا على الأذان، والإقامة، وقيامه على المسجد، ولم يقع من الإجارة على الصّلاة بهم قليل، ولا كثير" (١).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

أوَّلًا: أن مقتضى دليلكم أن الأجرة على الإمامة منفردة لا تصح، وهذا هو مشهور مذهبكم، فإذا انضم إلى الإمامة الأذان صحت الإجارة على الأذان، وبطلت في الإمامة في هذه الحالة كذلك.

ثانيًا: إنكم لم توقعوا الإجارة على الإمامة في الصّلاة، وإنّما أوقعتموها على الأذان، والقيام على المسجد، وخلافنا معكم إنّما هو حول الإجارة على الإمامة، وليس على الأذان، والقيام على المسجد.

ثالثًا: إننا لا نسلم لكم بأن الإجارة على الأذان تصح مطلقًا، بل هي لا تصح إِلَّا للضرورة، وإذا كانت الإجارة على الأذان لا تصح بطل ما ذهبتم إليه من صحة الإمامة على الصّلاة تبعًا للأذان.

ثالثًا: أدلة القول الثّاني:

وأصحاب هذا القول هم الذين ذهبوا إلى أنّه: لا يجوز مطلقًا - أخذ الأجرة على إمامة الصّلاة. وقد استدل هؤلاء بأدلة من السُّنَّة، والمعقول:

أ- دليلهم من السُّنَّة:

وهو حديث عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله، أجعلني إمام قومي. قال - صلّى الله عليه وسلم -: (أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا ياخذ على أذانه أجرًا) (٢).


(١) المدوّنة للإمام مالك: ٤/ ٤٢٠.
(٢) تقدّم تخريجه. انظر: ص ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>