للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الأوّل: أن تجهيز الميت، ودفنه طاعة لله تعالى، والطاعة لا يجوز الاستئجار عليها، سواء تعينت عليه أم لا (١).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يلي:

١ - لا نسلم لكم أن تجهيز الميِّت يكون طاعة دائمًا؛ فقد يكون طاعة، وقد لايكون؛ لأنّه لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة، وحينئذ يجوز الاستئجار عليه؛ لأنّ ما لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة يجوز الاستئجار عليه (٢).

٢ - سلمنا لكم أن تجهيز الميِّت طاعة؛ وذلك حين يقوم به المسلم طاعة لله -عَزَّ وَجَلَّ-، فحيث يكون فرض كفاية فإنّه يجوز الاستئجار عليه؛ لأنّه غير مقصود بفعله في الأصل، فلا تعود منفعته عليه (٣).

الدّليل الثّاني: أن تجهيز الميِّت، وان كان فرض كفاية ابتداءً، إِلَّا أنّه عند المباشرة له يصبح فرض عين، كالجهاد، وفرض العين لا يجوز الاستئجار عليه (٤).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

١ - لا نسلم لكم بأن من يباشر تجهيز الميِّت يتعين عليه، بدليل أنّه لو أراد أحد أن يقوم مقامه في تجهيز الميِّت، لم يمتنع على من يباشر تجهيزه الترك في هذه الحالة (٥).

٢ - سلمنا لكم أن من يباشر التجهيز يصبح فرض عين عليه، إِلَّا أنّه لا يكون كالجهاد؛ لوجود الفرق بين التجهيز، والجهاد؛ وذلك من عدة وجوه:-


(١) حاشية ابن عابدين: ١/ ٥٧٦ - ٥٧٧.
(٢) كشاف القناع للبهوتي: ٢/ ١٢٦، وانظر: الفروع لابن مفلح: ٢/ ٢٥٨.
(٣) حاشية الجمل على شرح المنهج للأنصاري: ٣/ ٥٤٠.
(٤) حاشية الجمل: ٣/ ٥٤٠، وانظر: حاشية ابن عابدين: ١/ ٥٧٦.
(٥) حاشية الجمل: ٣/ ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>