للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإحسان للميت، والأجرة تكون في مقابل جهده، وعمله، وحبس نفسه على هذا العمل.

الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ تجهيز الميِّت قربة، والأصل في القرب أن تفعل لوجه الله بدون أجر. ولذا فإنّه يكره أخذ الأجرة على تجهيز الميِّت (١).

[مناقشة الاستدلال]

مناقشة هذا الدّليل قريبة من مناقشة الدّليل الأوّل.

الدّليل الثّالث: قالوا: إنَّ تجهيز الميِّت من أعمال البرّ، وأخذ الأجرة عليه يورث تمني موت المسلمين، فيشبه الاحتكار (٢).

مناقشة الاستدلال: يمكن مناقشة هذا التعليل بما يأتي:

إنَّ ذلك بعيد، ولا يكون إِلَّا ممّن لا يخاف الله، بل كلّ همه جمع المال، أمّا السلم الحق فإنّه لا يفعل ذلك، بل يخلص عمله لله، وأمّا الأجر فمقابل جهده، وعمله، وحبس نفسه لهذا العمل.

ب - أمّا كونه يجوز بلا كراهة مع الحاجة: فإن التعليل بالحاجة هنا ظاهر. ووجه ذلك: أن من قام بتجهيز الميِّت، وهو فقير، فإنّه إنَّ فعل ذلك لله تعالى، وابتغاء مرضاته، وإنّما أخذ الأجرة لحاجته، لينفق منها على نفسه، وعياله؛ لأنّ الكسب على العيال واجب، فإن الله تعالى يأجره على نيته، ويكون قد أكل طيبًا وعمل صالحًا (٣).

وقد سبق تفصيل ذلك في بابي: الأذان والإقامة (٤).


(١) مطالب أولي النّهي للرحيباني: ١/ ٨٤٤.
(٢) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية: ص / ١٥٦.
(٣) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أبن تيمية: ٢٤/ ٣١٦. ٣٠/ ٢٠٧.
(٤) انظر: ص ١٧٢ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>