للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الأول: إنه يستحق الأجرة، وتكون في بيت المال.

وإليه ذهب جمهور العلماء من المالكية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

وقد عللوا ما ذهبوا إليه بما يأتي:

١ - قالوا: إنَّ العامل أجير، ولأن بيت المال معدّ لمصالح المسلمين، وهذا منها (٤).

٢ - أنّه استحق بعمله ما شرط له، فإذا تعذر دفعه من مال الزَّكاة وجب من بيت المال (٥).

القول الآخر: إنَّ حقه يسقط، ولا يستحق شيئًا في هذه الحالة. وإلى هذا ذهب الحنفية (٦).

وعللوا ذلك بما يأتي:

أن نفقة العامل تسقط في هذه الحالة قياسًا على سقوط نفقة المضارب إذا هلك مال المضاربة بجامع أن كلًا من العامل، والمضارب تكون نفقته فيما تحت يده على سبيل الكفاية، فإن المضارب تكون نفقته في مال المضاربة، وكذلك العامل تكون نفقته في مال الزَّكاة الّذي يجمعه يأخذها على سبيل الكفاية، لا على سبيل الأجرة (٧).

مناقشة الاستدلال: يمكن مناقشة هذا التعليل بما يأتي:

أن هذا مبني على مذهب الحنفية في أن ما يأخذه العامل ليس أجرة عمله، وإنّما هو نفقته، أو رزقه، وهذا غير صحيح - كما سيأتي -؛ فالذي عليه جمهور أهل


(١) جواهر الإكليل للآبي: ٢/ ١٤٠.
(٢) المجموع للنووي: ٦/ ١٧٥، مغني المحتاج للشربيني: ٣/ ١١٩.
(٣) المغني لابن قدامة: ٩/ ٣١٢ - ٣١٥، الممتع شرح المقنع لزين الدِّين ابن المنجى: ٢/ ٢١٢، كشاف
القناع للبهوتي: ٢/ ٢٧٦.
(٤) كشاف القناع للبهوتي: ٢/ ٢٧٦.
(٥) الممتع شرح المقنع لابن المنجي: ٢/ ٢١٢.
(٦) المبسوط للسرخسي: ٣/ ٩، بدائع الصنائع للكاساني: ٢/ ٤٤، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٥٩.
(٧) وفي هذا نظر، وسيأتي مناقشة ذلك في المطلب القادم.

<<  <  ج: ص:  >  >>