للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرّابع نوع ما يأخذه العاملون على الزَّكاة

بعدما تقدّم من اتفاق العلماء على أن العامل يأخذ ما يستحقه على عمله على الصدقات، وأن ذلك ليس مقدرًا بالثّمن، بل له بقدر عمله، وإن جاوز ذلك ثمن الزَّكاة.

بعد ذلك اختلف العلماء في ما يأخذه العامل من مال مقابل عمله؛ هل هو أجرة، أم رزق يأخذه على سبيل الكفاية؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأوّل: إنَّ ما يأخذه العامل هو أجرة.

وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء من المالكية (١)، والشّافعيّة (٢)، والحنابلة (٣).


(١) المعونة للقاضي عبد الوهّاب: ١/ ٤٤٢، المنتقى للباجي: ٢/ ١٥٣، الزرقاني على خليل: ٢/ ١٧٧، الخرشي على خليل: ٢/ ٢١٦.
(٢) الأم للشافعي: ٢/ ٧٤ - ٧٥، المهذب للشيرازي: ١/ ١٧١، المجموع للنووي: ٦/ ١٨٨، روضة
الطالبين للنووي: ٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨؛ قال الإمام النووي: " ... وأمّا العامل فاستحقاقه بالعمل، حتّى لو حمل صاحب الأموال زكاته إلى الإمام، أو إلى البلد قبل قدوم العامل، فلا شيء له، كما يستحق أجرة المثل لعمله.
فإن شاء الإمام بعثه بلا شرط، ثمّ أعطاه أجرة مثل عمله، وإن شاء سمَّى له قدر أجرته، إجارة، أو جعالة، يؤدِّيه من الزَّكاة". روضة الطالبين: ٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨.
قلت: وهناك وجه في مذهب الشّافعيّ أن ما يأخذه العامل صدقة.
وعللوا ذلك: بأنّه لا يشترط عقد إجارة، ولا مدة معلومة، ولا عمل معلوم، ويجاب عنه:
١ - بأن المذهب أن ما يأخذه أجرة بدليل أنّه يقدر بأجرة المثل. المجموع للنووي: ٦/ ١٦٨.
٢ - أنّه لو كان صدقة لأخذ سهمه على أي حال كان، سواء عمِلَ أم لا، وهذا لم يقل به أحد ...
٣ - أن تسمية ذلك صدقة باعتبار أنّه ماخوذ من الصدقات. قال الماوردي: " وليس ينكر أن تكون الأجرة صدقة إذا كانت مأخوذة من مال الصَّدقة". الحاوي: ١٠/ ٥٩٧.
(٣) المغني لابن قدامة: ٤/ ١٠٧ - ١٠٨، ٩/ ٣١٢ - ٣١٥، الفروع لابن مفلح: ٢/ ٦٠٧. الإنصاف للمرداوي: ٣/ ٢٣٩، بدائع الفوائد لابن القيم: ٣/ ١٤٦ - ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>