للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثّاني: أن يكون المنوب عنه عاجزًا عجزًا دائمًا، فإن كان عجزه مؤقتًا فلا تجوز النِّيابة عنه.

الشرط الثّالث: أن يكون المنوب عنه معسرًا لا يقدر على الفدية، فإن كان قادرًا على الفدية فلا تجوز النِّيابة عنه.

وقد علل شيخ الإسلام ذلك بقوله: "لأنّه أقرب إلى المماثلة من المال، ومعنى ذلك: أن صيام النائب في هذه الحالة أقرب إلى مماثلة الصِّيام الواجب على العاجز من مماثلة الفدية للصيام الواجب عليه، ولما كان صيام النائب في هذه الحالة أقرب إلى المماثلة من المال، أو الفدية توجه جوازه.

وعلى هذا، فإن ما ذكره شيخ الإسلام، وما حكاه القاضي أبو يعلى يخالف حكاية الإجماع السابق في أنّه لا تجوز النِّيابة عن الحي، سواء أكان قادرًا أم عاجزًا.

ولكن ما ذكره شيخ الإسلام يمكن مناقشته كما يلي:

أوَّلًا: أن هذا يخالف ما اتفق عليه الأئمة الأربعة، بل ما أجمع عليه العلماء - على ما ذُكر سابقًا - من أن النِّيابة في الصوم عن الحي لا تجوز سواء أكان قادرًا أم عاجزًا على ما سبق تفصيله.

ثانيًا: أن النصوص الدالة على جواز النِّيابة في الصوم إنّما جاءت في حق الميِّت - على خلاف في ذلك كما سيأتي -، ولم يردّ نصّ واحد يدلُّ على جواز النِّيابة عن الحي.

ثالثًا: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رغم وجود النصوص الكثيرة الدالة على جواز النِّيابة عن الميِّت في الصِّيام، ورغم صراحة بعضها- كما سيأتي- لم يأخذ بها إِلَّا في النَّذْر خاصّة (١) - كما سيأتي -، فإن كانت النِّيابة عن الميِّت في الصوم لا تجوز عنده، فعدم الجواز عن الحي أولى.


(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٥/ ٢٦٩، كتاب الصِّيام من شرح العمدة لابن تيمية: ١/ ٣٦٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>