للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّيابة (١).

رابعًا: أن الصِّيام عن الغير قربة، والقربة، متى وقعت كانت للعامل، فلا يجوز له أخذ الأجر على عمل وقع له، كالصلاة (٢).

المسألة الثّالثة: أخد المال على صوم التطوع عن العاجز:

سبق نقل اتفاق العلماء على عدم جواز النِّيابة في صوم التطوع عن العاجز.

ومآخذ العلماء في عدم جواز النِّيابة في صوم التطوع عن العاجز هي مآخذهم نفسها فيما يتعلّق بالنيابة في الصوم الواجب، وقد تقدّم ذكر إجماعهم، وما استدلوا به على هذا الإجماع.

- خالف في ذلك الإمام ابن حزم؛ فقد أجاز أخذ الأجرة على صوم التطوع عن العاجز.

قال ابن حزم: "وجائز للمرء أن يأخذ الأجرة على فعل ذلك عن غيره مثل أن يحج عنه التطوع، أو يصلّي عند التطوع، أو يؤذن عنه التطوع، أو يصوم عنه التطوع ... " (٣).

وقد علل ابن حزم لرأيه بما يأتي:

أن صيام التطوع ليس واجبًا، لا على الأجير، ولا على المستأجر، فالعامل يؤدِّي هذا العمل عن غيره، فليس في عمله هذا طاعة ولا معصية، وأمّا المستأجر فإنّه ينفق ماله في ذلك تطوعًا لله تعالى، فله أجر ما اكتسب بماله (٤).

وقد سبقت مناقشة هذا التعليل في مبحث الصّلاة، وما قيل في الصّلاة يقال في الصِّيام؛ إذ كلّ منهما عبادة بدنية محضة لا تجرى النِّيابة فيهما حال الحياة بإجماع العلماء (٥).


(١) حاشية العدوي على الخرشي: ٧/ ٢٣، مغني المحتاج للشربيني: ٢/ ٣٤٤.
(٢) تببين الحقائق للزيلعي: ٥/ ١٢٤.
(٣) المحلى لابن حزم: ٨/ ١٩١ - ١٩٢.
(٤) المحلى: ٨/ ١٩٢.
(٥) راجع ما تقدّم، ص/ ١٤١ - ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>