للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنه لا يشترط أن يكون حكم الأصل متفقًا عليه بين الأمة، بل يكفي اتفاق الخصمين عليه، وحكم الأصل هنا متفق عليه بين الجمهور في الجملة (١).

[الترجيح]

بعد عرض الأقوال، وذكر أدلةكل فريق، وما ورد عليها من مناقشات، وما أجيب به عن هذه المناقشات، يتبين بجلاء رجحان القول الأول القاضي بصحة النيابة، عن الميت فيما وجب في ذمته، من صوم واجب؛ سواء أكان صومًا من رمضان، أم من كفارة، أم من نذر. وأن ذلك مستحب، وليس بواجب.

ومما يؤكد ترجيح هذا القول ما يأتي:

* أولاً: قوة أدلته، حيث جاءت أدلته نصيّة صريحة في الدلالة على صحة النيابة عن الميت في الصوم مطلقًا، وبألفاظ لا تحتمل غير ذلك؛ نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) (٢).

وفي حديث بريدة قوله للمرأة التي سألت عن صوم شهر كان على أمها، وقد ماتت؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (صومي عنها)، وهذه النصوص معظمها في الصحيحين، أو في أحدهما (٣).

* ثانيًا: ضعف ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى، وقد أمكن مناقشتها بما يوهن من حجيتها.


(١) شرح الكوكب المنير للفتوحي: ٤/ ٢٧، ٢٨. وسيأتي حكم النيابة في الحج عن الميت إن شاء الله.
(٢) أخرج ابن حبان هذا الحديث، وترجم له بقوله: "ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الصوم لا يجوز من أحد عن أحد": صحيح ابن حبان: ٨/ ٣٣٤ (٣٥٦٩).
(٣) السنن الكبرى للبيهقي: ٤/ ٤٣٠، المجموع للنووي: ٦/ ٣٧٠، ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>