للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الثّاني: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب أنّه قال في الشّيخ الكبير: إنّه يجهز رجلًا بنفقته، فيحج عنه (١).

[وجه الاستدلال من الأثرين]

حيث أفتى الصّحابة - رضي الله عنهم - بوجوب الحجِّ عن الشّيخ الكبير، ومن في حكمه (٢).

وقد ورد نحو ذلك عن عطاء، وطاووس، ومجاهد (٣)، وسعيد بن المسيَّب (٤)، وغيرهم (٥).

[د - أدلتهم من المعقول]

الدّليل الأوّل: القياس على الصوم، فكما أن الحجِّ عبادة تجب بإفسادها الكفارة، فجاز أن يقوم غير فعله فيها مقام فعله، كالصوم، فإنّه إذا عجز عنه افتدى (٦).

مناقشة هذا الدّليل:

هذا قياس مع الفارق، فلا يصح؛ لأنّ الفدية في حق الشّيخ الفانى بدل عن أصل الصوم بالنص، بخلاف الحجِّ فإن المال ليس بديلًا عن أصل الحجِّ، بدليل أنّه


(١) أخرجه ابن حزم في المحلى: ٧/ ٦٠.
(٢) المحلى لابن حزم: ٧/ ٥٩.
(٣) هو: مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي الأسور مولى السائب بن يزيد المخزومي الإمام شيخ القراء والمفسرين، روى عن ابن عبّاس، وأبي هريرة، وعائشة، وسعد بن أبي وقّاص، وابن عمر، وعنه عكرمة، وطاووس، وعطاء، وهم من أقرانه. وثقه يحيى بن معين، وطائفة، اختلف في وفاته على أقوال، فقيل: سنة ١٠١، وقيل: سنة ١٠٢، وقيل: سنة ١٠٣، وقيل: سنة ١٠٤ هـ؛ والله أعلم: سير أعلام النُّبَلاء للذهبي: ٤/ ٤٤٩، تقريب التهذيب، ص/ ٩٢١.
(٤) هو: سعيد بن المسيَّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو المخزومي القرشي، أحد أئمة التابعين الإثبات، الفقهاء الكبار، قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين، وقد ناهز المْانين. (سير أعلام النُّبَلاء للذهبي: ٤/ ٢١٧، تقريب التهذيب لابن حجر، ص / ٣٨٨).
(٥) المحلى لابن حزم: ٧/ ٦١.
(٦) الحاوي الكبير للماوردي: ٥/ ١٢، المغني لابن قدامة: ٥/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>