للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثّاني: يجوز الاستئجار على الجهاد، إذا كان فرض كفاية؛ سواء كان المستأجر الإمام، أم غيره، وسواء أكان الأجير ممّن يلزمه الجهاد؛ كالمسلم الحر، أم ممّن لا يلزمه؛ كالعبد، والمرأة.

وإلى هذا القول ذهب بعض المالكية (١)، وخصه ابن عبد البر بالإمام خاصّة؛ قال: "ولاباس أن يستأجر (٢) الغازي يغزو معه، ولاحرج على من آجر نفسه منه" (٣).

وما ذهب إليه ابن عبد البر هو قول الصَّيدلُّاني (٤) من الشّافعيّة؛ قال النووي: "وعن الصَّيدلُّاني: أنّه يجوز للإمام أن يستأجره، ويعطيه أجره من سهم المصالح" (٥).

وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وحمه الله تعالى، وهو قول الخرقي، وإليه مال ابن قدامة في المغني (٦).


(١) مواهب الجليل للحطاب: ٣/ ٣٥٦، التاج والإكليل للمواق بهامش مواهب الجليل: ٣/ ٣٥٦.
(٢) أي: الإمام خاصّة دون غيره من آحاد الرعية.
(٣) الكافي لابن عبد البرّ: ١/ ٤٦٥.
(٤) هو: محمّد بن داود بن محمّد المروزي الداوودي، أبو بكر الصَّيدلُّاني، من أئمة الشّافعيّة، ومن عظماء تلامذة أبي بكر القفال المروزي، له مؤلفات كثيرة منها: شرح مختصر المزني، وشرع فروع الفقه لابن الحداد، تأخرت وفاته عن أبي بكر القفال بنحو عشرين سنة، ولم تذكر له كتب التراجم تاريخًا لوفاته، وقيل: إنّه توفي في حدود سنة ٤٢٧ هـ تقريبًا: طبقات الشّافعيّة الكبرى للسبكي: ٤/ ١٤٨، ٥/ ٣٦٤، وطبقات الشّافعيّة للإسنوي: ٢/ ١٢٩، ١٣٠، طبقات الشّافعيّة لابن هداية الله، ص/ ١٥٢، ١٥٣.
(٥) روضة الطالبين للنووي: ١٠/ ٢٤٠، وقد ذكر في حكم استئجار العبيد وجوهًا واحتمالات
(٦) المغني لابن قدامة: ١٣/ ١٦٣، ١٦٤، شرح الزركشي على الخرقي: ٦/ ٥٣٤، الفررع لابن مفلح: ٦/ ٢٣١، المبدع لبرهان الدِّين بن مفلح: ٣/ ٣٧٠، الإنصاف للمرداوي: ٤/ ١٧٩ وما بعدها. وقد ورد عن الإمام أحمد ما يحتمل القول جهواز الاستئجار على الجهاد بإطلاق، من ذلك ما جاء في مسائل الإمام أحمد من رواية ابنه عبد الله؛ قال: "سألت أبي عن الإمام يستأجر قومًا قبل أن يدخل البلاد، يغزو بهم، فما غنموا فله دونهم؛ فقال: لا يسهم لهم، ولكن يوفي لهم ما استؤجروا عليه "اهـ ص/٢٤٩، فقد حمل القاضي أبو يعلى كلام الإمام أحمد على من لايجب عليه الجهاد؛ كالعبد والكفار: المغني لابن قدامة: ١٣/ ١٦٤، المقنع في شرح مختصر الخرفي لابن البنا: ٣/ ١١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>