للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناقشة الاستدلال]

أوَّلًا: أن الجهاد، كان كان فرض كفاية في الأصل، إِلَّا أنّه متى حضر الصف تعين عليه، ولا يجوز أخذ الأجرة على فرض العين (١).

ثانيًا: أن القياس على العبد قياس مع الفارق؛ فلا يصح؛ لأنّ العبد لا يلزمه الجهاد في الأصل، سواء أكان فرض عين، أم فرض كفاية؛ لأنّه محبوس لخدمة سيده، فلا يملك التصرف في نفسه بالجهاد، ولا بغيره، إِلَّا أن يأذن له، فلا يصح قياس الحر عليه.

ثالثًا: أنّه لا حاجة بالمسلم الحر، أو غيره؛ لأخذه الأجرة على جهاده، لأنّ الجهاد قربة إلى الله حضّ الله تعالى عليها، ورغب فيها، ثمّ بإمكان المجاهد الأخذ من بيت المال، أو من الزَّكاة، أو النفقة من إخوانه القادرين، فيأخذ من هذه المصارف حاجته، وحاجة عياله، وما يلزمه من نفقة، ونحو ذلك (٢).

ثانيًا: أدلة أصحاب القول الأوّل:

استدل أصحاب هذا القول - وهم جمهور أهل العلم - الذين منعوا الاستئجار على الجهاد بأدلة كثيرة من المعقول، ومن هذه الأدلة:

الدّليل الأوّل: قالوا: إنَّ الغزو يتعين بعضوره، على من كان من أهله، فإذا تعين عليه الفرض، لم يجز أن يفعله عن غيره، كمن عليه حجة الإسلام، لا يجوز أن يحج عن غيره، وعليه فالاستئجار عليه لا يجوز (٣).


(١) شرح السير الكبير للسرخسي: ٣/ ٩٤٤، روضة الطالبين للنووي: ١٠/ ٢٤٠، المغني لابن قدامة: ١٣/ ١٦٤.
(٢) وقد سبق بيان الموارد المالية للجهاد والمجاهدين، وأن الله تعالى قد أوسع فيها، ورغب سبحانه وتعالى في الجهاد بالمال والنفقة في سبيل الله، وحض رسوله الكريم - صلّى الله عليه وسلم - على ذلك، وبين أن المجاهد بماله كالغازي ببدنه، وسيأتي بيان ذلك في الترجيح إن شاء الله تعالى.
(٣) بدائع الصنائع للكاساني: ٤/ ١٩١، المغني لابن قدامة: ١٣/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>