للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجه الاستدلال من الأحاديث السابقة]

دلت الأحاديث السابقة على تحريم أخذ الهدية على تعليم القرم ن لما جاء في أخذها من الوعيد الشديد، فدل ذلك على أن ما كان عن شرط كالأجرة فإنّه يكون أشد تحريمًا (١).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش الاستدلال بالأحاديث السابقة بما يأتي:

أوَّلًا: أن هذه الأحاديث ليست بنص في تحريم الأجر على تعليم القرآن (٢).

ثانيًا: أن هذا كان في أول الإسلام، حين كان تعليم القرآن فرضًا على الأعيان فلما سقط الفرض بتعليمه لفشوه وظهوره وكثرة حامليه، ولم يجب على أحد أن يترك أشغاله ومنافعه ويجلس لتعليم القرآن الكريم، كان له أن يأخذ الأجرة على ذلك (٣).

ثالثًا: قالوا: إنَّ تعليم عُبادة إنّما كان لوجه الله، أي: حسبة، فكره له النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أن يأخذ عليه أجرة على عمل نواه لله عزّ وجل، دون أن يأخذ عليه أجرًا من الله تعالى (٤).

قال الخطابي (٥):


(١) رسائل ابن عابدين (رسالة شفاء العلّيل) ١/ ١٦٨.
(٢) فتاوى ابن رشد الجد ١/ ٢١٨.
(٣) فتاوى ابن رشد الجد ١/ ٢١٢، ٣١٣، البيان والتحصيل لابن رشد ٨/ ٤٥٣.
(٤) فتاوى ابن رشد الجد ١/ ٢١٢، المفهم للقرطبي ٥/ ٥٨٩، وانظر: التبيان في آداب حملة القرآن للنووي، ص: ٤٦، نيل الأوطار للشوكلاني ٥/ ٢٨٧.
(٥) هو: حمد بن محمّد بن إبراهيم بن خطاب، أبو سليمان الخطابي البستي أحد الأئمة في الفقه والحديث واللُّغة، كان من أوعية العلم، وكان مولده سنة ٣١٩ هـ، رحل في طلب العلم إلى نيسابور وبغداد والبصرة، وخلف مولفات كثيرة منها: معالم السنن شرح سنن أبي داود، غريب الحديث، شأن الدُّعاء وإصلاح غلط المحدثين، توفي عام ٣٨٨ هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ١٨، وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>