للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: لا نسلم صحة القياس على الصّلاة والصيام، فإنّه قياس فاسد الوضع؛ لأنّه في مقابله النص، وهو حديث (إنَّ أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) وهو عموم قوي وظاهر جليّ (١).

الدّليل الثّالث:

قالوا: إنَّ العبد فيما يعمله من القربات والطاعات، ومنها تعليم القرآن، يكون عاملًا لنفسه، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: ٤٦]، ومن عمل لنفسه لا يستحق الأجر على غيره (٢).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الدّليل بما نوقش به الدّليل السابق من المنع من أن القربات إذا فعلها عن الغير لا تقع عنه، وإنّما تقع عن العامل نفسه، بدليل الحجِّ، وقد سبق بيان ذلك. فإذا وقع الفعل للغير كان الفاعل مستحقًا للأجرة.

الدّليل الرّابع:

قالوا: إنَّ تعليم القرآن ممّا لا يقدر المعلم عليه، إِلَّا بمعنى من قبل المتعلم فيكون المعلم ملتزمًا ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح (٣).

[مناقشة الاستدلال]

قال ابن الهمام: " ... فيه بحث؛ لأنّه إنَّ أريد أن المعلم لا يستقل في التعليم بشيء أصلًا فهو ممنوع، فإن التلقين والإلقاء فعل المعلم وحده لا مدخل للمتعلم فيه، وإنّما


(١) المفهم لأبي العباس القرطبي ٥/ ٥٨٩، وسيأتي الكلام حول حديث (إنَّ أحق ما أخذتم عليه أجرًا ...) عند ذكر أدلة أصحاب القول الثّاني القائلين بالجواز مطلقًا.
(٢) بدائع الصنائع للكاساني ٤/ ١٩٢.
(٣) المبسوط للسرخسي ١٦/ ٣٧، بدائع الصنائع للكاساني ٤/ ١٩١، الهداية للمرغيناني مع شرحه فتح القدير ٧/ ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>