للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطحاوي: "وقد كان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في ذلك، أن الآثار الأولى في ذلك لم يكن الجعل المذكور فيها على تعليم القرآن، وإنّما كان على الرقى الّتي لم يقصد بالاستئجار عليها إلى القرآن" (١).

[اعتراض على هذه المناقشة]

يمكن الاعتراض على هذه المناقشة بما ذكره الصنعاني عند ذكر وجه الاستدلال بالأحاديث السابقة، وحاصله أنّه لا فرق - من حيث أخذ الأجرة على القرآن - بين قراءته للتعليم وبين قراءته للطب (٢).

[الجواب عن الاعتراض]

يمكن الجواب عن هذا الاعتراض أن هناك فرقًا بين قراءة القرآن للتعليم وقراءة القرآن للطب من حيث أخذ العوض كلى ذلك، وبيان هذا الفرق: أنّه في حالة قراءته للتعليم يكون القرآن هو المقصود بالعوض، بخلاف حالة قراءته للطب، فإن المقصود هو المداوة وليس القرآن، ويؤيد هذا ما تقدّم من كلام الطحاوي السابق (٣).

الدّليل الرّابع:

عن سهل بن سعد الساعدي (٤) قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقالت:


(١) شرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ١٢٧.
(٢) سبل السّلام للصنعاني ٣/ ١٧٢.
(٣) وهناك مناقشات أخرى لهذه الأحاديث وخاصة الحديث الأوّل والثاني وقد ناقش ابن الجوزي هذين الحديثين بثلاث مناقشات:
الأولى: أن القوم كانوا كفارًا فجاز أخذ أموالهم.
الثّانية: أن حق الضيافة واجب ولم يضيفوهم.
الثّالثة: أن الرقية ليست بقربة محضة فجاز أخذ الأجر عليها.
(٤) هو الصحابى الجليل سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ساعدة الأنصاري الساعدي، آخر من مات من الصّحابة بالمدينة، وكانت وفاته سنة ٩١ هـ.
انظر: الإصابة لابن حجر ٢/ ٨٨ (٣٥٣٣)، الاستيعاب لابن عبد البرّ ٢/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>