للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أجل ذلك فقد اعتنت الشّريعة الغراء بطالب العلم عناية فائقة وأحاطه فقهاء الإسلام بأحكام كثيرة وآداب جمة، ومن تلك الأحكام ما يتعلّق بخاصة نفسه من حيث ما يحتاج إليه في حياته المعيشية من مأكل وملبس ومسكن وكتب وغير ذلك من آلة الطلب والبحث، وقد تكلم الفقهاء فيما يخص طالب العلم من نفقة ومال يُعينه على الطلب حتّى يؤدِّي رسالته على أكمل وجه ومن ثمّ يعود نفعه ويظهر أثره في المجتمع.

وما يؤخذ من مال على طلب العلم الشرعي يعود في مجمله إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأوّل: الأرزاق

لا خلاف بين الفقهاء في جواز أخذ طالب العلم الرزق من بيت المال، وذلك؛ لأنَّ بيت المال معد لمصالح المسلمين العامة وطلب العلم منها، فإذا فرغ طالب العلم نفسه لإفادة العلم واستفادته، فإنّه يأخذ كفايته من بيت مال المسلمين (١).

قال الغزالي: "كلّ من يتولى أمرًا يقوم به، تتعدى مصحلته إلى المسلمين ولو اشتغل بالكسب لتعطل عليه ما هو فيه فله في بيت المال حق الكفاية، ويدخل فيه العلماء كلهم أعني العلوم الّتي تتعلّق بمصالح الدِّين من علم الفقه والحديث والتفسير والقراءة حتّى يدخل فيه المعلمون والمؤذنون، وطلبة هذه العلوم أيضًا يدخلون فيه فإنهم إنَّ لم يكفوا لم يتمكنوا من الطلب" (٢).

ويلحق بالرزق من بيت المال، المال الموقوف على طلبة العلم (٣) والموصى به


(١) المبسوط للسرخسي ٣/ ١٨، حاشية ابن عابدين ٢/ ٥٨، ٣/ ٢٨١، الشرح الصغير للدردير ٢/ ٢٩٥، حاشية الدسوقي ١/ ٤٩٧، ٤٩٨، إحياء علوم الدِّين للغزالي ٢/ ٢١٧، تحرير المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال، ص: ١٤٩، حاشية قليوبي ٢/ ٢١٣، المغني لابن قدامة ٩/ ١٩٨.
(٢) إحياء علوم الدِّين للغزالي ٢/ ٢١٧.
(٣) وقد اتفق الفقهاء على صحة الوقف على طلبة العلم؛ لأنّها جهة برّ والغالب في طلبة العلم الفقر والحاجة. انظر لبيان ذلك: حاشية ابن عابدين ٣/ ٣٧٦، الشرح الصغير للدردير ٤/ ١٠٨، ١١٨، ١٢٤، روضة الطالبين للنووي ٥/ ٣٢١، كشاف القناع للبهوتي ٤/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>