للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمه الدِّين، فإن أداه وجب له على المكفول عنه، فصار كالقرض، فإذا أخذ عوضًا صار القرض جارًا للمنفعة فلم يجز" (١).

فهذه أقوال المذاهب الأربعة تدل على أن الجعل أو الأجرة على الضمان لا تجوز، وأمّا الظاهرية ومن وافقهم فلا نحتاج إلى ذكر قولهم في ذلك؛ لأنَّ الدِّين عندهم ينتقل إلى ذمة الضامن ويسقط عن المدين الأصلّي، ولا يحل حينئذ الرجوع على المدين بشيء ولا على ورثته، سواء أكان الرجوع من صاحب الدِّين أم من الضامن الّذي أدى الدِّين عنه، إِلَّا إذا قال المدين للضامن: اضمن عني ما لهذا عليّ، فإذا أديت عني فهو دين لك عليّ، فههنا يرجع عليه بما أدى عنه فقط؛ لأنّه استقرضه ما أدى عنه فهو قرض صحيح (٢).

يتضح ممّا سبق أن الفقهاء رحمهم الله تعالى متفقون على المنع من أخذ الأجرة على الضمان.

وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك، إِلَّا أنّه قد ورد في معرض كلامه ما قد يشوش على هذا الإجماع، قال ابن المنذر: "أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحمالة بجعل يأخذه الحميل لا تحل ولا تجوز، واختلفوا في ثبوت الضمان على هذا الشرط، فكان الثّوريّ يقول: إذا قال الرَّجل للرجل: اكفل عني ولك ألف درهم فإن الكفالة جائزة وترد إليه الألف درهم.

وإذا قال استقرض لي من فلان ألف درهم ولك عشرة دراهم، قال: هذا الأخير فيه؛ لأنّه قرض جر منفعة.

وقال أحمد في مسألة الكفالة: ما أرى هذا يأخذ شيئًا بحق.


(١) المغني لابن قدامة ٦/ ٤٤١.
(٢) المحلى لابن حزم ٨/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>