للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - أنّه يمكن حمل قول من منع مطلقًا على غير المحتاج، قال زكريا الأنصاري (١)

الشّافعيّ: "واستشكل عدم جواز ذلك بأن الرافعي رجح في الكلام على الرشوة جوازه وأسقطه النوويّ ثمّ، ويجاب: بأن ما هناك في المحتاج وما هنا في غيره" (٢).

٢ - وأمّا قول من جوز مطلقًا فإنهم قد عللوا ذلك بالحاجة والضرورة.

وبهذا تأتلف الأقوال في القول بجواز أخذ الرزق من الخصوم للحاجة والضرورة. وأمّا ما ذكر من شروط، فإنّه يلاحظ أن هذه الشروط عبارة عن ضوابط شرعية تحكم عمل القاضي، وتضبط مسألة أخذ الرزق من غير بيت المال، وكل ذلك حتّى لا يدب الشرّة في نفس القاضي إلى أموال النَّاس، فينفتح بذلك باب الرشوة في الحكم، وهذا فيه من الفساد ما فيه، والفقهاء لا يخالفون في ذلك بل هم أحرص النَّاس على نزاهة القاضي وإعفافه وضبط سلوكه، بما يضمن عدم الميل في الحكم.

وعليه فإن هذا القول يعد أعدل الأقوال وأولاها بالترجيح، لقوته وإحكامه وعدم مخالفة الأقوال الأخرى له في حقيقة الأمر. والله تعالى أعلم.


(١) هو: زكريا بن محمَّد بن أحمد بن زكريا، أبو يحيى الأنصاري، الفقيه الشّافعيّ الأصولي، ولد في قرية سنيكه بشرقية مصر سنة ٨٣٣ هـ، ثمّ طلب العلم وبرع في شتى العلوم وبخاصة علمي الفقه والأصول، وله مصنفات كثيرة منها: فتح الرّحمن في التفسير، وغاية الوصول إلى علم الأصول، ولب الأصول، وأسنى المطالب شرح روضة الطالب وغيرها، توفي سنة ٩٢٦ هـ بالقاهرة. انظر: البدر الطالع للشوكاني ١/ ٢٥٢، شذرات الذهب لابن العماد ١٠/ ١٨٦.
(٢) أسنى المطالب لزكريا الأنصاري ٤/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>