للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة والمناقشة]

أوَّلًا: أدلة أصحاب القول الثّاني:

استدل هؤلاء بما يأتي:

قالوا: إنَّ أخذ الأجرة على الفتوى إذا تعينت، يعد من أكل المال بالباطل؛ لأنّ الطّاعة المفترضة عليه لا بد له من عملها فأخذ الأجرة على ذلك لا وجه له.

أمّا إذا لم تتعين فيجوز للمفتي حينئذ أخذ الأجرة عليها, لعدم وجوبها عليه (١).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:

لا نسلم لكم أن الإفتاء إذا كان فرض كفاية يجوز أخذ الأجرة عليه؛ لأنّ الإفتاء قربة إلى الله تعالى، فإذا كان المفتي في كفاية فلا حاجة تدعوه إلى أن يكون عمله لغير وجه الله؛ لأنّ الإفتاء إذا فعل بالأجرة لم يبق عبادة لله، بل يبقى عملًا مباحًا مستحقًا بالعوض معمولًا لأجله، والعمل إذا عمل للعوض لم يبق عبادة فإذا كان الله تعالى قد أغناه، وهذا فرض كفاية، وإن هو مخاطبًا به وإذا لم يقم إِلَّا به وإن ذلك واجبًا عليه عينًا، فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه بكل حال تعين عليه أم لم يتعين (٢).

ثانيًا: أدلة القول الأوّل:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة من القرآن والسُّنَّة والمعقول.

[أ - دليلهم من القرآن]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩].


(١) المحلى لابن حزم ٨/ ١٩١ - ١٩٢.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ٣٠/ ٢٠٦ - ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>